الويل للرعاة الفاسدين الذين يرعون أنفسهم وليس قطعانهم
البابا فرنسيس في لقاء مع الإكليريكيين: الإكليريكية ليست ملاذاً أو ملجأ
(aleteia.org/ar) الإكليريكية ليست ملاذاً بسبب القيود الكثيرة التي قد نعاني منها ولا ملجأ بسبب عدم تحلي الشخص بالشجاعة للمضي قدماً في الحياة. إنها بالأحرى مكان لكي يتقدم فيه الناس على دربٍ تخوِّلهم أن يصبحوا رعاة صالحين بدلاً من مسؤولين في شركة؛ وإلا، من الأفضل التحلي بالشجاعة للبحث عن درب أخرى.
استغل الأب الأقدس الذي ألقى كلمة في معهد البابا لاوون الثالث عشر الحبري، وهو معهد إكليريكي هام في مقاطعة لاتسيو وعاصمتها روما، فرصة لقائه مع الإكليريكيين للتركيز على دعائم التعلم الأربع التي تمكّنهم من التحول إلى رعاة صالحين على صورة يسوع. في ضوء ذلك، حذر قائلاً: الويل للرعاة الفاسدين.
قال الأب الأقدس: على غرار الإكليريكيات الأخرى، تهدف إكليريكيتكم إلى إعداد كهنة مستقبليين في أجواء من الصلاة والدراسة والأخوة. أضاف: هذه الأجواء الإنجيلية وهذه الحياة الممتلئة من الروح القدس والإنسانية تسمح لجميع المنغمسين فيها يوماً بعد يوم باستيعاب مشاعر يسوع المسيح ومحبته للآب وللكنيسة، وتفانيه غير المتحفظ لشعب الله.
الصلوات والدراسة والأخوة والحياة الرسولية هي ركائز التعلم الأربع المتفاعلة فيما بينها. الحياة الروحية، القوية؛ الحياة الفكرية، الجدية؛ الحياة الجماعية؛ وفي النهاية، الحياة الرسولية. ليس بهذا الترتيب تحديداً، ولكنها هي الأربع مهمة. إذا فُقدت إحدى هذه الركائز، يكون تعليم المرء ناقصاً. ومع تفاعل الأربع، تصبح هي الركائز الأربع، الأبعاد الأربعة التي تعيش عليها إكليريكية.
أعزائي الإكليريكيين، أنتم لا تتدربون لكي تشغلوا وظيفة وتصبحوا مسؤولين في شركة أو جهاز بيروقراطي. لدينا العديد من الكهنة الذين ساروا نصف المسيرة… من المؤلم التفكير بأنهم لم يكملوا المسيرة كلها وأصبحوا بيروقراطيين مع هالة بيروقراطية لا تبشر بأي خير للكنيسة. أرجوكم، احذروا السقوط في ذلك أنتم أيضاً! أنتم تصبحون رعاة على صورة يسوع الراعي الصالح، لكي تكونوا على مثاله ومن خلاله وسط قطيعه لترعوا خرافه.
أمام هذه الدعوة، بإمكاننا الاستجابة كما فعلت مريم العذراء مع الملاك: كيف يكون هذا؟ فإن التحول إلى رعاة صالحين على صورة يسوع هو أمر عظيم جداً ونحن ضعفاء جداً. مع ذلك، هذا ليس عملنا، بل عمل الروح القدس بتعاون منا. من هنا، ينبغي أن نقدم أنفسنا بتواضع كالخزف لكي نُصاغ لأن الله هو الخزّاف الذي يعمل بالماء والنار، بالكلمة والروح.
صحيح أنه في البداية، ليس هناك دائماً استقامة تامة في النوايا، حسبما لفت البابا، وأضاف: توجد لدينا جميعاً أمور صغيرة لا تسمح بوجود استقامة النوايا، ولكن هذا الأمر يُحل مع الزمن من خلال الاهتداء اليومي. فكروا بالرسل! فكروا بيعقوب ويوحنا، أحدهما أراد أن يصبح رئيس وزراء والآخر وزير اقتصاد لأن ذلك كان أكثر أهمية… الرسل… فكروا بشيء آخر، وبصبر عظيم، صحح لهم الرب نواياهم، وفي النهاية، تعززت استقامة نواياهم حتى أنهم بذلوا حياتهم للتبشير والاستشهاد. بالتالي، لا تخافوا.
تكلموا مع أبيكم الروحي؛ تكلموا مع معلميكم؛ صلوا، صلوا، صلوا. ستلاحظون أن استقامة النوايا ستتحسن. تأملوا في الإنجيل يومياً لكي تنقلوه عبر الحياة والتبشير، اختبروا رحمة الله في سر المصالحة، ولا تتخلوا عنها أبداً. تناولوا القربان بإيمان ومحبة لكي تطعموا منه الشعب المسيحي. هذا يعني أنه ينبغي علينا أن نكون رجال صلاة لنصبح صوت المسيح الذي يسبِّح الآب ونتشفع لإخوتنا. إذا كنتم لا تريدون سلوك هذه الدرب، أو إذا كنتم لا تتمتعون بهذه المواقف وهذه التجارب، من الأفضل لكم التحلي بالشجاعة للبحث عن درب أخرى.
في الكنيسة، هناك عدة سبل لتقديم الشهادة المسيحية، وعدة طرق تؤدي إلى القداسة أيضاً. لا مجال لعدم الجودة في خدمة يسوع، لأنها تؤدي دوماً إلى استغلال شعب الله من أجل المصلحة الشخصية. لقد هتف الأنبياء بقوة عظيمة: الويل للرعاة الفاسدين الذين يرعون أنفسهم وليس قطعانهم.