يا لَقُدرَةِ الصليبِ العجيبة. يا لَمَجدِ الآلامِ الذي لا يُوصَفُ، حيث اجتمعَ محكمةُ الربِّ والحُكمُ على العالمِ وقُدرَةُ الصليبِ.
جَذَبْتَ الجميعَ إليكَ، يا ربُّ. وما كانَ يَتِمُّ في هيكلٍ واحدٍ في اليهوديّةِ بطريقةِ الصورةِ والرمزِ، تحتفلُ به اليومَ تَقوى جميعِ الشعوبِ في السرِّ الكاملِ والمعروضِ للجميعِ.
لرتبةِ اللاويِّين اليومَ مجدٌ أكبرُ، وللشيوخِ كرامةٌ أوفرُ، ومَسحةُ الكهنةِ أكثرُ قداسةً. لأنَّ صليبَكَ هو مصدرُ جميعِ البرَكاتِ، وسببُ جميعِ النِّعمِ، بها يُمنَحُ المؤمنون القوَّةَ في الضَّعفِ، والمجدَ في المهانةِ، والحياةَ في الموتِ. لقد توقَّفَ التعدُّدُ والتنَوُّعُ في الذبائحِ الجسديَّةِ. وجميعُ القرابينِ المختلفةِ حلَّ محلَّها قربانُ دمِكَ، لأنَّكَ أنتَ الحَمَلُ الحقيقِيُّ الذي تَرفَعُ خطايا العالم. فتُتِمُّ في ذاتِكَ جميعَ الأسرارِ. وبما أنَّ الذبيحةَ هي الآنَ واحدةٌ بدلَ جميعِ الذبائحِ القديمةِ، كذلكَ هناكَ ملكوتٌ واحدٌ يجمَعُ جميعَ الشعوبِ.
ومن ثَمَّ فإنَّ رحمةَ اللهِ لنا عجيبةٌ وتزدادُ عجَبًا في نظَرِنا لأنَّ المسيحَ لم يَأتِ للأبرارِ ولا للقدِّيسين بل للخطأَةِ والكفَّارِ. وبما أنَّه لم يكُنْ بمقدورِ شوكَةَ الموتِ أن تُصيبَ الطبيعةَ الإلهيّةَ، فقد وُلِدَ بحسبِ طبيعتِنا، وتحمَّلَ كلَّ ما يَقدِرُ أن يتحمَّلَه لكي يقدِّمَه للهِ من أجلِنا.