رسالة البطريرك الطوال بمناسبة الصوم الأربعيني
افتقر لأجلكم وهو الغني لتغتنوا بفقره (2 كور 8: 9)
إلى الإخوة الأجلاء الأساقفة وإلى الكهنة والرهبان والراهبات والأشخاص المكرسين والشمامسة وإلى أبنائنا المؤمنين الأعزاء في أبرشية القدس،
السلام لكم من لدن ربنا يسوع المسيح!
زمن الصوم هو زمن نعمة وتجدد لجميع المعمّدين. ويدعونا الرب إلى الارتداد بقلوب طهرتها الندامة والتوبة، وأن نكون رحماء كما هو رحيم، وأن نكسر خبزنا مع الجائعين.
لقد منح الله فرصة للتوبة في كل جيل لكل من أراد أن يتوب إليه. وتكلم عن التوبة قال: “حيٌّ أنا يقول الرب، ليس هواي أن يموت الشرير، بل أن يرجع عن طريقه فيحيا” (حزقيال 33: 11). ثم أضاف كلاماً كله رأفةٌ: “لو ارتفعت خطاياكم من الأرض إلى السماء، وكانت حمراء كالقرمز، وأكثر سواداً من المسوح، ثم عدتم إليّ وقلتم من كل قلبكم: يا أبتاه، لاستجبت لكم وعملتكم مثل شعبي المقدس” (ر. هوشع 14: 2؛ أشعيا 1: 18 وتابع)
ولأهمية هذا الزمن، كتب قداسة البابا فرنسيس رسالة قصيرة للعالم المسيحي نوجزها لكم ثم ننتقل بعدها إلى نقاط عملية تخص مسيرتنا الروحية في هذه الفترة المقدسة.
أولاً: إرشاد البابا فرنسيس
يتكلم قداسته عن ثلاثة أنواع من البؤس تضرب البشرية بدون هوادة:
– البؤس المادي وهو الحرمان من الحقوق الأساسية والمواد الضرورية للعيش كالطعام والماء والصحة والعمل والثقافة والعلم.
والبؤس الأخلاقي: وهو الاستسلام للشر الذي يستعبد الإنسان للخطيئة والرذيلة. ويقع في فخه كل من يستسلم للسُكر والفاحشة والقمار والمخدرات والعادات السيئة. وكم من الأشخاص أدمنوا على الرذيلة ويصعب عليهم الخروج منها، ففقدوا كرامتهم ودخلوا في درب الانتحار البطيء. وهذا النوع من البؤس يسبب أيضاً دماراً اقتصادياً للفرد والمجتمع. وهو مرتبط بالنوع الثالث من البؤس.
– البؤس الروحي: يرزح تحت نيره الإنسان الذي يبتعد عن الله ويرفض حبه بحجة أنه ليس بحاجة إلى نعمته وغفرانه.
وماذا يمكن أن نفعل لتخفيف البؤس بكافة أشكاله عن الأشخاص الذين وقعوا في حبائله؟ الجواب: لنتمثل بمثال الرب يسوع الذي “افتقر لأجلكم وهو الغني لتغتنوا بفقره” (2 كور 8: 9)
هذه الآية مقتبسة من رسالة بولس إلى أهل كورنتوس، حثهم فيها على التبرع السخي لمؤمني أورشليم.
ولماذا يجب أن يكون أهل كورنتوس كرماء مع أهل القدس؟ السبب لاهوتي ويكمن في مقال كرم وسخاء الرب يسوع. فهو الغني افتقر كي نغتني بفقره. افتقاره هو إشارة إلى تجسده وتواضعه واختلاطه بالخطأة وعطفه على الضعفاء والبسطاء والفقراء والمهمشين. فأشبع الجياع وشفى المرضى وعطف على النساء والأطفال. وما زال يحنو علينا من خلال الأسرار السبعة وما زال يشفينا ويغفر لنا ويقوينا. ويطلب منا بولس نحن أيضاً أن نتخلّق بأخلاق السيد المسيح وأن نتعامل مع الآخرين كما تعامل هو معنا، بنفس السخاء، حانين على البؤساء الرازحين تحت وطأة الفقر المادي والمعنوي والروحي.
زيارة البابا فرنسيس
في 24، 25 و26 أيار القادم سيحل قداسة البابا ضيفاً علينا وسيأتي حاجاً مصلياً إلى الأماكن التي باركها الرب بميلاده وعماده وكرازته وآلامه وموته وقيامته. ونأمل من هذه الزيارة تقوية إيماننا وتعزيز العلاقات المسكونية والحوار ما بين الأديان ودفعاً لعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتقوية العلاقات بين الكرسي الرسولي وكل من الأردن وفلسطين وإسرائيل.
وستكون الزيارة مثمرة بقدر إعدادنا لها وإسهامنا الروحي بالصلاة الصوم عن هذه النية. ومنذ الآن ندعو أكبر عدد منكم للمشاركة في القداس الذي سيحتفل به قداسته في ستاد عمّان الدولي في مساء 24/5/2014، وفي ساحة المهد في صباح 25/5/2014. لنستقبل قداسته أحسن استقبال.
ولعدم تمكن قداسته من زيارة الجليل كما فعل البابوات السابقون، فإننا ندعو مؤمنينا في الجليل إلى الانضمام إلى قداس بيت لحم حتى نستقبل بإيمان ومحبة خليفة القديس بطرس ونائب السيد المسيح وأن نقول له: “مبارك الآتي باسم الرب”.
ثانياً: ما هي مقومات التوبة؟
ذكر الفصل السادس من إنجيل متى ثلاث مقومات للتوبة هي الصوم والصدقة والصلاة:
-
الصوم