دروس من عيد العائلة المقدسة
الاب رائـد أبو ساحلية
يقع عيد العائلة المقدسة قي الأحد الأول الذي يلي عيد الميلاد..ونقرأ في الانجيل عن بحث يوسف ومريم عن يسوع عندما اضاعوه في طريق العودة من الهيكل.. وكيف وجدوه في الهيكل جالساً بين العلماء يستمع اليهم ويسألهم.. ويضيف لوقا الانجيلي “وكان جميع سامعيه معجبين أشد الاعجاب بذكائه وجواباته”
من هذه الحادثة الانجيلية عبر دروس كثيرة:
1) التزام العائلة بواجباتها الدينية التي تفرضها الشريعة وبالخصوص الذهاب الى الهيكل في أورشليم جرياً على السُّنة في العيد، كما أن يسوع كان يذهب الى المجمع كعادته في كل سبت. والسؤال: هل نحن عائلة مواظبة على الصلاة في الكنيسة تحافظ على وصايا الله وأحكامه وخاصة وصية “احفظ أيام الآحاد والأعياد؟
2) بحث يوسف ومريم عن يسوع عندما اكتشفا عدم وجوده في القافلة لدرجة انهما رجعا الى أورشليم يبحثان عنه. فهل نحن نرافق ابناءنا في مسيرة حياتهم أم نتركهم على راحتهم دون اهتمام أو رقابة؟
3) توبيخ مريم ليسوع: “يا بُني، لِمَ صنعت بنا ذلك؟ فأنا وأبوك نبحث عنك متلهفين” ونحن هل نوبخ أولادنا عندما يسيرون في طريق الخطأ أم أننا لا نسأل عنهم ولا نعمل على تقويم سلوكهم؟
4) ونستغرب أن يسوع يجادل والديه ويجيبهما: “ألا تعلما أنه يجب على أن اكون فيما هو لأبي” وهذا الجدال ليس من باب العصيان أو قلة الأدب – لا سمح الله – بل من باب الوعي بهويته الالهية ورسالته الخلاصية. فهل هناك حوار بنَّاء بين أفراد العائلة وإصغاء متبادل لوجهات النظر المتباينة؟
5) نزول يسوع معهما الى الناصرة وكان طائعاً لهما. هل نحن كأبناء نطيع والدينا في كل شيء أم أننا نعصي أوامرهما؟ فالطاعة هي السمة الرئيسية للانتماء للعائلة والبيت.. والطاعة هنا لا تعني فقط الخضوع ولكن الانتماء اي الشعور بأننا جزء من كل ولنا جذوز عميقة في البيت والعائلة وبالتالي في الكنيسة والرعية.
6) وكانت مريم أمه تحفظ تلك الامور كلها وتتأملها في قلبها. مريم هي النموذج للمرأة المتأملة التي تعيش في قلبها، فهل أمهاتنا يعشن في قلوبهن أم خارجها فقط؟
7) وأخير يقول الانجيل “بأن يسوع كان يتسامى في الحكمة والنعمة والقامة عند الله والناس”. وهذا هو النمو المتكامل قلباً وقالباً نفساً وروحاً وجسداً. فهل ينمو أولادنا في قلوبهم وعقولهم وأرواحهم وأجسادهم، أم أننا نهتم فقط في الجوانب المادية ونهمل الروحية.
8) وهذا النص هو علامة على الانتماء = النمو.. لان الفرد ينمو ويكبر ويترعرع فيكون طفلاً ويصبح شاباً فرجلاً ناضجاً فشيخاً كبيراً.. أي أنه نموٌ مستمرٌ من المهد الى اللحد.. وبالفعل فان الكنيسة أيضا ترافق المؤمن من مهده الى لحده عن طريق الأسرار السبعة. فهل نولي هذه الأسرار الأهمية اللائقة بها فتصبح مناسبات روحية للنمو في الايمان أم أنها فقط مجرد طقوس ومراسيم دينية.
9) وهنا يمكن التركيز على ان الانتماء هو النمو الشامل والكامل لكل اعضاء العائلة الكبيرة تماما كالشجرة التي تبدأ بالجذور فالساق فالاغصان فالورق فالثمار، فلكي يكون النمو متكاملاً علينا ان نزرع في تربة طيبة ونسقي ونبحش ونقضب لكي تكون الاغصان يانعة الاخضرار وكثيرة الثمار باذن الله. وهنا يحضرني مثل “الكرمة والاغصان” الذي رواه السيد المسيح فعلى الغصن ان يكون متصلا مع الكرمة لا منفصلا عنها لكي يعطي الثمر الكثير والا سييبس ويُقطع ويُلقى في النار فيحترق. فليكن كل واحدٍ منا غصناً متصلاً لا منفصلاً أخضراً لا يابساً مثمراً لا عاقراً.
10) أمام الله والناس: يعني أن يسوع كان مستقيما في حياته أمام الله وأمام الناس. فهل نُرضى الله قبل أن نُرضى الناس في حياتنا… وهنا تبرز العلاقة الافقية والعامودية والتي تتقاطع في “الأنا” المؤمن بالله والذي يعيش ايمانه في حياته مع الناس، فيحب الله ويحب عباد الله كإخوة وأخوات لانهم مخلوقون على صورة الله ومثاله. هذا النص هو خطة عمل للعائلة المسيحية ومنهج حياة متكامل.. !