حياته:
هو بابا الكنيسة الكاثوليكية الرابع والستون بعد المائتين منذ16 أكتوبر 1978 وحتى وفاته في الثاني من نيسان من عام 2005 في حبرية طويلة دامت ستًا وعشرين عامًا. ولد في18 مايو 1920 باسم “كارول جوزيف فوتيلا في بولندا”. انخرط في سلك الكهنوت عام 1946 وأصبح أسقفًا عام 1958 ثم كاردينالاً عام 1967 وأخيرًا حبرًا أعظم للكنيسة الكاثوليكية خلفًا للبابا يوحنا بولس الأول؛ وعند انتخابه كان البابا غير الإيطالي الأول منذ عهد إدريان السادس (1522 – 1523) كما كان البابا البولندي الأول في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.
قام البابا يوحنا بولس الثاني بإصدار أربعة عشر منشورًا بابويًا عامًا، وبالتالي كان من بين أكثر البابوات اهتمامًا بالتعليم اللاهوتي. شدد البابا على أهمية اعتماد الإنسان على الله واتباع شريعته. كذلك فمن المواضيع التي ناقشها يوحنا بولس الثاني في رسائله العلاقة بين الإيمان والعقل وحاول تجديد الاهتمام بالفلسفة لدى عموم الناس في سبيل الوصول إلى نوع من “الحكم الذاتي” في المسائل اللاهوتية، كما ركّز على موضوع الدعم المتبادل بين الإيمان والعقل، وشدّد أنه على رجال الكهنوت السعي لترسيخ هذه العلاقة. اهتم يوحنا بولس الثاني أيضًا بتعليم الكنيسة الاجتماعي، وأفرد لها ثلاثة منشورات بابوية وعدد من الرسائل والعظات، وركز على أهمية الأسرة وكرامة المرأة بالنسبة لمستقبل البشرية. المنشورات البابوية الأخرى تشمل تعليمًا عن تفاسير الكتاب المقدس، والحفاظ على “التعاليم الأخلاقية الكاثوليكية” التي تمنع الموت الرحيم والإجهاض.
أبدى يوحنا بولس الثاني اهتمامًا خاصًا بالشباب، ومن المعروف أنه قد لُقّب “بابا الشباب”. أبدى البابا قلقه من تناقص أعداد الشباب المنخرطين في سلك الكهنوت وقام مرات عديدة بزيارة المعاهد الرومانية لإعداد الكهنة ولقاء أوائل المعاهد، كما قام عام 1984 بتأسيس “الأيام العالمية للشبيبة” التي تجرى دوريًا كل عامان أو ثلاثة، بحيث يلتقي الشباب من جميع أنحاء العالم في لقاء “للاحتفال بالإيمان” وتستمر لمدة أسبوع، ترافقها نشاطات مختلفة. أقيم خلال حبريته 19 لقاءً من الأيام العالمية للشباب شارك بها الملايين منهم، وقد أطلق أيضًا عام 1994 الاجتماعات العالمية للعائلات.
أعلنه البابا بندكتس 16 طوباويا في 1 مايو 2011، وأعلنه البابا فرنسيس قديسًا يوم 27 أبريل 2014.
لماذا اخترنا البابا يوحنا بولس الثاني شفيعًا لسنة الروحانيات؟
لانه بابا الكنيسة المميز في العصر الحديث والذي كما وصفه البابا فرنسيس في ذكرى ميلاده المائة فقد تميّز بثلاث صفات غاية في الأهمية لنا كشباب نتحضر للكهنوت:
الصلاة | القرب من شعب الله | محبة العدالة.
الصفة الأولى هي الصلاة: لقد كان القديس يوحنا بولس الثاني رجل الله لأنّه كان يصلّي كثيرًا بالرغم من العمل الكبير الذي كان لديه بأن يقود الكنيسة. لقد كان يعرف جيّدًا أن مهمّة الأسقف الأولى هي الصلاة. وبالتالي فالمهمّة الأولى للأسقف والكاهن وطالب الكهنوت هي الصلاة، وقد علّمنا أنّه عندما يقوم الأسقف بفحص الضمير المسائي عليه أن يسأل نفسه: كم ساعة صلّيت اليوم؟ إنه رجل صلاة.
الصفة الثانية هي القرب من الناس: كان يوحنا بولس الثاني رجل القُرب من الناس، لم يكن رجلاً بعيدًا عن الشعب، لا بل كان يذهب للقائه وقد جال العالم بأسره. كان يبحث عن شعبه ويقترب منه، والقرب هو إحدى ميزات الله مع شعبه. قُرب الله من الشعب الذي يصبح فيما بعد أقوى وأوثق بيسوع. إن الراعي يكون قريبًا من شعبه وإلا فهو ليس راعيًا وإنما مجرّد مدبّر، قد يكون صالحًا ولكنّه ليس راعيًا. والقديس يوحنا بولس الثاني قد أعطانا المثال عن هذا القرب: لقد كان قريبًا من الكبار والصغار، القريبين والبعيدين، كان قريبًا على الدوام.
أما الصفة الثالثة، فهي محبّة العدالة: وإنما العدالة الكاملة. لقد كان يوحنا بولس الثاني رجلاً يرغب في العدالة، العدالة الاجتماعية، عدالة الشعوب، العدالة التي تبعد الحروب. العدالة الكاملة. لذلك كان القديس يوحنا بولس الثاني رجل الرحمة أيضًا لأن العدالة والرحمة تسيران معًا، ولا يمكننا أن نفصلهما: العدالة هي العدالة والرحمة هي الرحمة ولكن لا وجود للواحدة بدون الأخرى. لنفكر أيضًا كيف نَشَرَ عبادة القديسة فاوستينا التي أمتدّ ذكرها الليتورجي إلى الكنيسة جمعاء. لقد شعر أن عدالة الله كانت تملك وجه الرحمة وموقف الرحمة. وهذه عطيّة قد تركها لنا يوحنا بولس الثاني: العدالة- الرحمة، والرحمة العادلة. وعليه، فنحن مدعوون لعيش الرحمة والعدالة والتدرب عليهما في هذه السنة وفي سنوات التنشئة في الاكليريكية.