ج: هو الكفن الذي اشتراه يوسف الرامي، فلَفّ به جسد المسيح المائت، بعد إنزاله عن الصليب. وكان يوسف من أعيان المجلس اليهوديّ (السنهدرين)، وقد آمَن بيسوع.
س:ما هي مقاييس كفن المسيح، وممّ هو مصنوع؟
ج: يتألّف كفن المسيح من قطعةٍ واحدةٍ من قماش الكتّان، تبدو مستطيلة الشكل، لكنّها ليست مستطيلاً كاملاً، فيكون الطول بمعدّل 4،42 أمتار والعرض بمعدّل 1،13 مترًا.
س: لماذا لُفَّ جسد المسيح المائت، بكفن، بعد إنزاله عن الصليب؟
ج: كان إجراءٌ موقَّت وسريع وغير اعتياديّ، تمّ اتّخاذه بسبب اقتراب المساء وبدء السبت، واستحالة إمكان القيام بأيّ عملٍ آخَر يتطلّب وقتًا أطول، بحسب عادات المجتمع اليهوديّ الذي عاش فيه المسيح. وهذا ما جعل النسوة يأتين إلى القبر، فجر الأحد، لاستكمال ما قد فاتهنّ القيام به من ترتيبات الدفن المعتادة، كدهن جسد الميت بالطيوب، وتلبيسه الثياب اللائقة.
س: هل صحيحٌ أنّ آثار دم المسيح ما زالت ظاهرةً على الكفن؟
ج: نعم، فالألوان التي تكوِّن مظهر الجسم، على الكفن، تتراوح بين الأسمر والأحمر، وقد أحدثَت تغييراتٍ في لون خيوط النسيج. والبقع الحمر هي من الدم الذي نزفَه الجسم، وتظهر بوضوح في الأماكن التي تعرّضت للتعذيب، كاليدين والقدمين (المسامير) والظَّهر (الجَلد) والرأس (إكليل الشوك) والجنب (الحربة). وقد تمكَّن العلماء، بعد إجراء الأبحاث اللازمة، من التأكيد أنّ البقع الحمر الظاهرة على الكفن هي دمٌ بشريّ من فئة AB .
س:ما هي الصفات التي تميّز كفن المسيح؟
ج: بما أنّ هنالك أكفانًا عديدة استُعملت في التاريخ القديم والحديث، أجرى العلماء أبحاثًا، فتبيّنَ لهم أنّ هنالك أربع صفات لكفن المسيح، فريدة من نوعها، ولا مثيل لها في الأكفان الأخرى، هي التالية:
وجود آثارٍ واضحة لجسم إنسان، نراه كاملاً، يحمل آثار التعذيب (الجَلد والصَلب) من الخلف ومن الأمام. إنّ الكفن خالٍ من أيّ مادّة تلوين اصطناعيّة أو صباغٍ طبيعيّ. لذلك، لا يمكن أن تكون هذه الآثار من صنع أيدي البشر، ولا من إنتاج فنان بارع، مهما كان حاذقًا.
إنتقال آثار الجسم على الكفن، بطريقةٍ سلبيّة، فالألوان معكوسة، وكذلك الاتّجاهات.
إحتواء آثار الجسم التي على الكفن مواصفات الأبعاد الثلاثة، مع أنّها مسطَّحة في بعدَين، فقط، ممّا مكَّن العلماء من تكوين صورة واضحة عن الجسم في الأبعاد الثلاثة، إنطلاقًا من صورة في بُعدَين، فقط.
عدم وجود أيّ أثر لاهتراء الجسد الذي لُفَّ بهذا الكفن. وهذا يعني أنّ الجسد خرج من الكفن في وقتٍ مبكّر، لم يترك مجالاً كي تبدأ عمليّة تحلّل الأعضاء، كما يحصل، عادةً، لغيره من أجساد الموتى، بعد مرور وقتٍ معيَّن على الوفاة.
س: كيف تمَّ حفظ الكفن عبر التاريخ؟
ج: كان الرسل أوَّل مَن وضَع اليد على هذه الذخيرة الثمينة، في القبر الفارغ، وحافظوا عليها، قتناقلَها المسيحيّون، من جيلٍ إلى جيل. فمن أورشليم، إنتقَل الكفن إلى إديسّا (الرَّها) عاصمة السريان، ومنها إلى القسطنطينيّة (عام 944) ليغادرها إلى أوروبا، مع الصليبيّين (عام 1204). وهناك، تنقَّل الكفن في المدن الأوروبيّة: من لِيريه (فرنسا) إلى شامبيري (فرنسا) فتورينو (إيطاليا) حيث استقرّ (منذ العام 1578) ولا يزال.
س:أين يُحفَظ كفن المسيح، اليوم؟
ج: في كاتدرائيّة القدّيس يوحنّا المعمدان الواقعة في مدينة تورينو / إيطاليا. أُودع الكفن في أريكة خاصّة، حيث تمّ بسط القماشة عليها، في جوّ من الغاز الخامل، ثمّ وُضعت الأريكة في مَذخر خفيف الوزن، ذهبيّ اللون، مقاوم للحريق، فوقه غطاءٌ فاخر كُتب عليه باللاتينيّة ما معناه: “يا ألهنا، إنّنا نُكرّم كفنك المقدّس، ونتأمّل في آلامك”.
س: هل صحيح أنّ الكفن تعرَّض لحادث حريق ؟
ج: تعرَّض الكفن لأكثر من حادث حريق، عبر مسيرته الطويلة من أورشليم إلى تورينو، كان آخرها عام 1997. غير أنّ الكفن سلِم منها كلّها، بشهاداتٍ موثَّقة، دوّنَها الأخصّائيّون الذين عاينوه، بعد الحريق.
س: هل صحيح أنّ فحص الكاربون 14 أثبَت زيف كفن تورينو؟
ج: كلاّ. فمع أنّ فحص الكاربون 14 افترَض أنّ الكفن صُنع ما بين العام 1260 والعام 1390، يأتي العديد من الوثائق التاريخيّة القديمة العهد على ذِكر الكفن، ممّا يؤكّد وجوده قبل الفترة المذكورة. أبرز هذه الوثائق:
عظة غريغوريوس، المتقدّم بين شمامسة القسطنطينيّة، التي يعود تاريخها إلى العام 944.
أخبار جان سكيليتزيس المزيّنة بالرسوم والمحفوظة في مكتبة مدريد الوطنيّة.
مخطوط پراي Pray في بودابست (هنغاريا)، الذي يعود تاريخه إلى العام 1190.
هذا، إلى جانب دراسات العديد من العلماء، أمثال راي روجرز و جون جاكسون وجوليو فانتي وجو مارينو وغيرهم الذين قدّموا البراهين الكافية لنقض النتيجة التي افترضَها فحص الكاربون 14. ولقد نُشرَت أبحاث هؤلاء العلماء في أهمّ المجلاّت العلميّة في العالم.
س: هل يمكن لأيٍّ كان أن يشاهد كفن المسيح، في تورينو، ساعة يشاء؟
ج: نظرًا لقيمة الكفن الفريدة، لا يُسمَح لأيٍّ كان بمشاهدته أو بمعاينته، عن قُرب. وهو ليس معروضًا، بشكلٍ دائم، خوفًا من تأثيرات العوامل الطبيعيّة عليه، كالنور والحرارة والرطوبة إلخ…، وتجنّبًا لأعمال التخريب التي يمكن أن تنال منه. ويتمّ عرض الكفن، أمام الجمهور، في مناسباتٍ خاصّة، يُعلنها بابا روما، ويحدِّد زمانها ومدّتها، كما حصَل إبّان يوبيل العام 2000، بناءً على رغبة البابا الطوباوي يوحنّا بولس الثاني. وإبّان العام 2010، بناءً على قرارٍ اتّخذَه البابا بنديكتُس السادس عشر.
س: لِـمَ يعود القرار في مسألة عرض الكفن إلى بابا روما ؟
ج: لأنّ ملكيّة الكفن تعود إلى كرسيّ روما الرسوليّ، منذ العام 1983، عملاً بوصيّة أومبرتو الثاني، ملك إيطاليا، الذي تنازَل لهذا الكرسيّ عن حقّ عائلته في ملكيّة الكفن. وكانت عائلته تمارس هذا الحقّ منذ عدّة قرون.