التراث العربي المسيحي القديم
الفصل الثامن والعشرون
دراسات حول بعض اللاهوتيين العرب
(16) قسطا بن لوقا (القرن 3هـ / القرن 9-10م)
(من مجموعات مقالات من الانترنت)
قسطا بن لوقا أبو الصقر إسماعيل بن بلبل قسطا بن لوقا وقيل أبو عبيد الله بن يحيى المعروف بقسطا بن لوقا، عالم بالطب والفلك والرياضيات والطبيعة والنبات وهو من مدينة بعلبك في عهدها العباسي. ويلقب باليوناني نسبة إلى أصوله اليونانية. وقد عاش في القرن الثالث الهجري / التاسع والعاشر الميلاديين، وقد اختلف مؤرخو العلوم في تاريخ وفاته مما يصعب معه تحديد عام وفاته، وقد ذكروا عدة أعوام 286هـ -899م، و300هـ -912م، و310هـ -922م، وتعلم مع لغته العربية اللغتين اليونانية والسريانية وأجادهما إجادته للعربية وكان شغوفا بالمعرفة وبالترجمة والنقل، فراح يتجول في بلاد الروم البيزنطيين (تركيا الآن) طلبا للعلم وللاطلاع على تصانيف علماء اليونان وكتبهم وجمع منها كتبا كثيرة عاد بها إلى مدينة بعلبك، وتسامع به علماء العراق والمسئولون بها فدعوه إلى بغداد ، وكان يعاصره من العلماء في بغداد الكندي ، و ثابت بن قرة اللذان شجعاه على ترجمة الكتب التي جلبها من اليونانية والسريانية إلى العربية.
وقد أثبت بترجمته ونقله إجادته للغات الثلاث، ووصفت ترجمته بجودة العبارة واختصار الألفاظ وحسن جمعه للمعاني ودقة النقل. وشهد بذلك له مؤرخو السير والعلوم من العرب والمستشرقين. وكان قسطا بن لوقا بترجماته ومصنفاته من الرواد الأوائل المؤسسين للحضارة الإسلامية في العصر العباسي الأول، ويبدو أنه دخل إلى بغداد في عهد الخليفة المعتصم بالله أو الخليفة المتوكل بالله، وكان طبيبا ماهرا مصنفا في الطب، ومعالجا للمرضى في العراق وفي أرمينية. وقد اختلف الناس في زمانه في الموازنة بينه وبين حنين بن إسحاق أيهما أطب من الآخر، وقد أشار إلى ذلك مؤرخون من أصحاب الموسوعات عن أعلام العلماء والأطباء. كما يبدو أنه كان شديد العناية في تطببيه مرضاه في الحمامات العامة والخاصة. وإلى جانب ذلك اشتغل قسطا بن لوقا بعلم الفلك.
وفي السنوات الأخيرة من عمره دعاه”سنحاريب”ملك أرمينية إلى بلاده لشهرته في الطب وحسن رعايته لمرضاه بالأغذية والأدوية وحرصه على تجديد نشاطهم بالحمامات، فلبى دعوته وسافر إلى أرمينية وعاش بالقرب منه معززا ومكرما إلى آخر عمره، وربما لأنه فقد القرب الحقيقي من خلفاء بغداد في زمانه مثل علماء آخرين. ويذكر المؤرخون أن قسطا بن لوقا توفي في عهد سنحاريب فشيد له هذ ا الملك قبرا ملوكيا وبنى عليه قبة ملكية اعترافا بقدره.
وقد شملت مؤلفات قسطا بن لوقا خلال حياته العلمية في بغداد وأرمينية صنفين من الكتب: كتب مترجمة أو مشروحة بعد ترجمتها، وكتب مصنفة في الطب والهندسة والرياضيات والفلك والطبيعة والنبات وعلم الحياة. وبعض هذه الكتب كان يترجمها أو يؤلفها من أجل الأصدقاء أو المسئولين في بغداد أو أرمينية. ومن بين الكتب التي ترجمها من اليونانية إلى العربية في الطب: فهرس مصنفات جالينوس . وفي الفلك: تحرير المساكن . و تحرير كتاب الأكر للعالم اليوناني السكندري: ثاوذوسيوس. وفي الرياضيات: الأصول لإقليدس. أصول الهندسة لأفلاطون. ونقل من السريانية إلى العربية كتابا في الزراعة: الفلاحة اليونانية أو الرومية لسرجيوس.
ولقسطا بن لوقا مصنفات علمية كثيرة، وقد صنف في الطب واحدا وأربعين كتابا من أهمها: المدخل إلى علم الطب . الكبد وخلقتها وما يعرض عليها من الأمراض . النقرس . حركة الشريان . الحمام . الوقاية من الزكام ونزلات البرد . الوباء . تركيب العين وأمراضها . السموم الحيوانية والنباتية والمعدنية . الأدوية المسهلة .
وصنف في الهندسة ثلاثة كتب هي: كتاب في رفع الأشياء الثقيلة . الوزن والكيل . ميزان وزن الذهب.
وصنف في الرياضيات أحد عشر كتابا من أهمها: المدخل إلى علم الهندسة . شكل الكرة والاسطوانة . البرهان على حساب الخطأين .
وصنف في الفلك تسعة كتب من أهمها: المدخل إلى علم النجوم . هيئة الأفلاك . المرايا المحرقة . العمل بالأسطرلاب الكري .
وصنف في الفيزياء ثلاثة كتب من أهمها: الجزء الذي لا يتجزأ .