التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية المقدسة
المقال التاسع
“أؤمن بالكنيسة المقدسة الكاثوليكية”
748- “المسيح نور الشعوب: لذلك يرغب المجمع المقدس الملتئم في الروح القدس، رغبة حارة في أن يستنير جميع الناس بنور المسيح المتألق على وجه الكنيسة باعتلان الإنجيل للخليقة كلها .”بهذه الأقوال افتتح” الدستور العقائدي عن الكنيسة” في المجمع الفاتيكاني الثاني. وبهذا يظهر المجمع أن العقيدة الإيمانية في أن الكنيسة تتعلق كلياً بالعقائد المتعلقة بالمسيح يسوع. فليس للكنيسة نور آخر غير نور المسيح. إنها، على حد ما جاء في الصورة المحببة إلى أباء الكنيسة ،أشبه بالقمر الذي كل نوره انعكاس لنور الشمس.
749- المادة في شان الكنيسة تتعلق كلياً بالمادة في أن الروح القدس التي تسبقها “فبعد أن أظهرنا أن الروح القدس هو ينبوع ومصدر كل قداسة نعترف الآن انه هو الذي مهر الكنيسة بالقداسة .
فالكنيسة، على حد تعبير الآباء، هي المكان” الذي يزهر فيه الروح.
750- الإيمان بأن الكنيسة “مقدسة” و “كاثوليكية”. وأنها “واحدة” و “رسولية” كما يضيف ذلك قانون نيقة-القسطنطينية ، لا ينفصل عن الإيمان بالله الآب والابن والروح القدس. وفى قانون الرسل نعترف بأننا نؤمن بكنيسة مقدسة، لا بالكنيسة، لكي لا نخلط بين الله وأعماله، ولكي نرجع بوضوح إلى الصلاح الإلهي جميع المواهب التي جعلها في كنيسته.
الفقرة 1 الكنيسة في قصد الله
1- أسماء الكنيسة وصورها
751- اللفظة “كنيسة “باليونانية من الفعل أي دعا، ونادى تعني دعوة على اجتماع؛ إنها تعنى اجتماعات الشعب، ولا سيما ما كان منها ذا طابع ديني. أنها اللفظة التي كثر استعمالها في العهد القديم اليوناني للدالة على اجتماع الشعب المختار لدى الله، ولا سيما اجتماع سيناء حيث تلقى إسرائيل الشريعة، وحيث أقامه الله شعباً له مقدساً. وجماعة المؤمنين بالمسيح الأولى عندما دعت نفسها “كنيسة” اعتبرت أنها وريثة لهذه المجموعة المختارة. وفيها “يدعو” الله شعبه من جميع أنحاء الأرض واللفظة التي أخذت منها وتعنى “الربانية.”
752- في التعبير المسيحي، اللفظة “كنيسة” تدل على المجموعة الليتورجية، كما تدل على الجماعة المحلية، أو على جماعة المؤمنين العامة. وهذه المعاني الثلاثة هي في الواقع غيرمنفصلة. “فالكنيسة” هي الشعب الذي يجمعه الله في العالم كله. إنها موجودة في الجماعات المحلية،وهي تتحقق كمجموعة ليتورجية، خصوصاً إفخارستية. وهي تحيا بكلمة المسيح وجسده، وهي نفسها وتصير هي نفسها هكذا جسد المسيح.
رموز الكنيسة
753- نجد في الكتاب المقدس عدداً كبيراً من الصور والرموز المترابطة التي يتكلم بها الوحي على سّر الكنيسة الذي لا يستقصى. فالصور المأخوذة من العهد القديم تؤلف تنوعات لفكرة أساسية هي فكرة “شعب الله” وفى العهد الجديد تجد جميع هذه الصور مركزاً جديداً من حيث إن المسيح يصبح “الرأس” لهذا الشعب والذي أصبح جسده. وقد تجمعت حول هذا المركز صوراً مأخوذة من حياة الرعاة أو الزارعة، أو مأخوذة من عمل البناء أو من الحياة العائلية أو الزواج.
754- “فالكنيسة هي الخطيرة التي إنما المسيح بابها الذي لا باب سواه ولابد منه وهي القطيع الذي أعلن الله من قبل انه سيكون هو ارعيه، والذي يتعهد نعاجه ويغذيها ـ وإن يكن على أرسها رعاة بشر ـ هو المسيح بالذات، ال ارعي الصالح وأرس الرعاة الذي بذل نفسه عن نعاجه.”
755- “الكنيسة هي الأرض التي يزرعها الله، وحقله؛ وفى هذا الحقل تنمو الزيتونة القديمة التي كان الآباء أصلها المبارك، والتي جرت وستجرى المصالحة بين اليهود والأمم؛ وقد زرعها الكرام السماوي كرمة مختارة الحقيقة هي المسيح الذي يعطى الحياة والخصب للأغصان، أي لنا نحن الذين بالكنيسة نثبت فيه، وبدونه لا نستطيع شيئاً”.
756- “وكثيراً ما تنعت الكنيسة بأنها بناء الله؛ والرب نفسه بالحجر الذي رذله البناؤون ولكنه صار رأس الزاوية” (متى 21، 42؛ رسل 4، 11؛ 1 بط 2، 7؛ مز 118، 22). وعلى هذا الأساس بني الرسل الكنيسة ،ومنه ثباتها وتلاحمها. وقد خص هذا البناء بتسميات متنوعة فهو بيت الله الذي تسكن فيه أسرته؛ وهو مسكن الله في الروح؛ وخباء الله في الناس؛ وهو بخاصة الهيكل المقدس، الممثل بالمعابد من حجارة، الذي أشاد به الآباء، وتشبهه الليتورجيا بحق بالمدينة المقدسة التي شاهدها يوحنا، في ساعة تجديد الكون، نازلة من السماء، من عند الله، “مهيأة كالعروس المزينة لعريسها”(رؤ 21، 1- 2).
757- “وسميت الكنيسة أيضا” أورشليم العليا و “أمنا” (غل 4: 26)، ونعتت بالعروس التي لاعيب فيها للحمل الذي لا عيب فيه، التي “أحبها المسيح وأسلم ذاته لأجلها لكي يقدسها” (أف 5، 25- 26)، وأقترن بها بعهد لا ينفصم، “ويغذيها ويعتني بها” (أف 5، 29).
2- أصل الكنيسة، وإنشاؤها ورسالتها
758- لتقصّى سر الكنيسة يجدر بنا أن نتتبع أصلها أولا في قصد الثالوث القدوس وتحقيقها المرحلي في التاريخ.
قصد ولد في قلب الآب
759- “إن الآب الأزلي، بتدبير حكمته وجودته الحر الخفي، قد أبدع الكون بأسره، وقضى بأن برفع الناس إلى مستوى الشركة في حياته الإلهية” التي يدعو إليها جميع الناس في ابنه: “جميع الذين يؤمنون بالمسيح، أراد أن يدعوهم لتأليف الكنيسة المقدسة” و “أسرة الله” هذه تتألف وتتحقق مرحليا على مدى مراحل التاريخ البشري، بحسب تدبير الآب: وهكذا فالكنيسة قد “بشر بها بالرموز منذ بدء العالم، وهيئت على وجه عجيب بتاريخ شعب إسرائيل والعهد القديم؛ أنشئت في الأزمنة الأخيرة، وأعلنت بحلول الروح القدس، وستتم في المجد في اليوم الآخر.”
الكنيسة ـ أشير إليها بالرموز منذ بدء العالم
760- “خلق العالم في سبيل الكنيسة”، على حد قول مسيحيي العصور الأولى. فقد خلق الله العالم لكي يشرك في حياته الإلهية، إشراكاً يتم “بدعوة” البشر إلى الاجتماع في المسيح، وهذه “الدعوة إلى الاجتماع” هي الكنيسة. الكنيسة هي غاية كل شيء، والأحداث الأليمة نفسها، كسقوط الملائكة، وخطيئة الإنسان، لم يسمح بها الله إلا بمثابة حالة أو وسيلة لكي يبسط كل قدرة ذراعه كل مدى الحب الذي أراد أن يشمل به العالم:
“كما أن إرادة الله هي عمل وانها تُسمّى العالم، كذلك قصده فإنه خلاص البشر ،ويسمّى الكنيسة”
الكنيسة- مهيأة في العهد القديم
761- تجمع شعب الله يبدأ عندما تهدم خطيئة البشر مع الله وشركة الناس في ما بينهم فتجمع الكنيسة هو نوعا ما رد فعل الله على الفوضى التي أحدثتها الخطيئة وإعادة التوحيد هذه تتم سريا في داخل جميع الشعوب “في كل أمة من اتقى الله وعمل البر يكون مقبولا عنده” (رسل 10، 35).
762- الإعداد البعيد لتجميع شعب الله يبدأ مع دعوة إبراهيم الذي وعده الله بأنه سيكون أن الشعب عظيم والإعداد المباشر يبدأ مع اختيار إسرائيل شعبا لله وسيكون إسرائيل بهذا الاختيارعلامة تجمع جميع الأمم في المستقبل ولكن الأنبياء يتهمون إسرائيل بنقض العهد وبسلوك مسلك البغي وهم يبشرون بعهد جديد وأبدى هذا العهد الجديد أنشأه المسيح.
الكنيسة- أنشأها المسيح يسوع
763- كان على الابن أن يحقق تصميم أبيه الخلاصي في ملء الأزمنة وهذا هو داعي رسالته فالرب يسوع أنشأ الكنيسة بإعلانه البشري السعيدة أي مجيء الله الموعود به في الأسفار المقدسة منذ الدهور فلكي يتم المسيح مشيئة الآب أنشا على الأرض ملكوت المسيح حاض ار منذ الآن على وجه سر ي.
764- يتجلى هذا الملكوت على عيون الناس في كلام المسيح وأعماله وحضوره وتقبل كلمه المسيح هو تقبل للملكوت نفسه وبذر الملكوت وبدايته هما القطيع الصغير (لو 12، 32) من الذين كان هو نفسه راعيهم أنهم يؤلفون أسرة يسوع الحقيقية وهؤلاء الذين جمعهم هكذا حوله علمهم طريقة سلوك جديدة ولكن علمهم أيضا صلاة خاصة.
765- الرب يسوع مهر جماعته بهيكلية سوف تستمر إلى أن يتم ملء ملكوته هنالك أولا اختيار الاثني عشر وعلى أرسهم بطرس وإذ كانوا يمثلون أسباط إسرائيل الاثني عشر فهم حجارة الأساس لأورشليم الجديدة الاثنا عشر والتلاميذ الآخرون يشتركون في رسالة المسيح وسلطانه ولكن في مصيره أيضا المسيح في جميع أعماله ويهيئ كنيسته وبينيها.
766- ولكن الكنيسة ولدت بنوع خاص من بذل المسيح الكامل لذاته في سبيل خلاصنا، مسبقاً في إقامة سر الإفخارستيا، ومتمماً على الصليب.”ابتداء الكنيسة ونموها يرمز غليهما الدم والماء الخارجان من جنب يسوع المصلوب”. “إذ إنه من جنب يسوع الراقد على الصليب ولد سر الكنيسة العجيب”. وكما أن حواء كونت من ضلع آدم النائم كذلك الكنيسة نشأت من قلب المسيح المائت على الصليب مطعوناً بحربة.
الكنيسة ـ ظاهرة بالروح القدس
767- “لما أنجز العمل الذي كلف الآب ابنه تحقيقه على الأرض، أرسل الروح القدس، في يوم العنصرة، لكي يقدس الكنيسة باستمرار”. عند ذلك “ظهرت الكنيسة ظهواًر علنياً أمام الجماهير وابتدأ نشر الإنجيل مع الكرازة”. وبما أن الكنيسة هي “دعوة جميع الناس إلى الخلاص فهي منطبيعتها مرسلة، وقد أرسلها المسيح على جميع الأمم لتجعل منهم تلاميذ.”
768- لكي يحقق الروح القدس رسالته “يجهز الكنيسة ويقودها بمختلف مواهب السلطة والمنية “و “الكنيسة، وقد جهزت بمواهب مؤسسها، وتسلك بأمانة في حفظ وصاياه في المحبة والتواضع والكفر بالذات، تسلمت رسالة الدعوة بملكوت المسيح والله، وإنشائه في جميع الأمم، فكانت على الأرض بذرة هذا الملكوت وبدأه.”
الكنيسة ـ متممة في المجد
769- “الكنيسة… لن تبلغ تمامها إلا في المجد السماوي”، عند عودة المسيح المجيدة. وإلى هذا اليوم “تتقدم الكنيسة في مسيرتها بين اضطهادات العالم وتعزيات الله” وهي ههنا ترى نفسها في منفى، بعيدة عن الرب، وتصبو إلى مجيء الملكوت الكامل، “في الساعة التي ستكون فيها متحدة بملكها في المجد”. وتمام الكنيسة، ومن خلالها تمام العالم في المجد لن يحصلا بغير محن كبيرة. عند ذلك فقط يجتمع عند الآب، في الكنيسة الجامعة، جميع الصديقين منذ آدم، من هابيل البار إلى آخر “مختار.”
3- سر الكنيسة
770- الكنيسة في التاريخ، ولكنها في الوقت نفسه تتعالى فوق التاريخ. إننا لا نستطيع، إلا “بعيون الإيمان”، أن نرى في حقيقتها المرئية روحانية حاملة حياة إلهية.
الكنيسة ـ مرئية وروحانية معا
771- “إن المسيح، الوسيط الوحيد، يقيم على هذه الأرض ويساند أبداً كنيسته المقدسة، شركة إيمان ورجاء ومحبة، كلا مرئيا يفيض به على الجميع الحقيقة والنعمة.” فالكنيسة هي في الوقت نفسه:
“جمعية مجهزة بأعضاء ذ و ي سلطات، وجسد المسيح السري”،
“جماعة منظورة وشركة روحية”؛
“كنيسة أرضية وكنيسة غنية بنعم السماء.”
هذه الأبعاد تؤلف معاً “حقيقة مركّ بة ذات عنصرين بشري وإلهي.”
“إنه من مميزات الكنيسة الخاصة أن تكون بشرية وإلهية معاً، منظورة وغنية بحقائق غيرمنظورة حارة في العمل ومنشغلة بالتأمل، حاضرة في العالم على كونها غريبة؛ بحيث إن ماهو بشري فيها موجه إلى ما هو إلهي وخاضع له؛ وما هو منظور لغير المنظور وما هو من العمل للتأمل؛ وما هو حاضر للمدينة الآتية التي نسعى إليها”.
“تواضع! سمو! خباء قيدار وهيكل الله؛ مسكن أرضي وقصر سماوي! بيت من صلصال وقصر ملكي؛ جسد قابل الموت وهيكل من نور؛ موضوع ازد ارء أخي اًر في نظر المتكبرين وعروس المسيح! إنها سوداء ولكنها جميلة، يا بنات أورشليم، تلك التي أنحلها التعب وألم الغربة الطويلة، والتي تزدان مع ذلك بزينة العلاء.”
الكنيسة ـ سر اتحاد البشر بالله
772- في الكنيسة يتمم المسيح ويكشف سره الخاص على أنه غاية تدبير الله: “تلخيص كل شيء فيه” (أف 1، 10). القديس بولس يسمى اتحاد المسيح بالكنيسة “السر العظيم” (أف 5، 32).
والكنيسة باتحادها بالمسيح على أنه عروسها تصبح هي نفسها سراً والقديس بولس، وقد تأمل سرها، يصبح قائلاً: “المسيح فيكم رجاء المجد” (ك ول 1، 27).
773- هذه الشركة للبشر مع الله في الكنيسة، “بالمحبة التي لا تسقط أبدا( “1 كو 13، 8) هي الغاية التي توجه كل ما فيها من رسائل سرية متعلقة بهذا العالم الزائل. “إن هيكليتها موجهة توجيها كاملا إلى تقديس أعضاء المسيح. والقداسة تقوم بموجب” السر العظيم “الذي تجيب ففيه العروس بهبة حبها مقابل هبة العريس”. ومريم تتقدمنا جميعاً في القداسة التي هي سر الكنيسة “كعروس لا كلف فيها ولا غضن”. ولهذا “فمستوى الكنيسة المريمي يسبق مستواها البطرسي”.
الكنيسة ـ سر الخلاص الشامل
774- اللفظة اليونانية ترجمت إلى اللاتينية بلفظين وفى الشروح المتأخرة اتخذت اللفظة (…) خصوصا معنى العلامة المنظورة لحقيقة الخفية التي تدل عليها اللفظة وفي هذا المعنى يكون المسيح نفسه هو سر الخلاص الخفية التي تدل عليها اللفظة وفى هذا المعنى يكون المسيح نفسه هو سر الخلاص: “فالمسيح وحده هو السر” والعمل الخلاصي لناسوته المقدس والمقدس هو سر الخلاص الذي يظهر ويعمل في أسرار الكنيسة )التي تدعوها الكنائس الشرقية أيضا “الأسرار المقدسة”(. فالأسرار السبعة هي العلامات والوسائل التي يفيض بها الروح القدس نعمة المسيح ،الذي هو الرأس، في الكنيسة التي هي جسده، وهكذا فالكنيسة تحو ي وتمنح النعمة غير المنظورة التي تعنيها. وبهذا المعنى التشبيهي سميت “سرا.”
775- “الكنيسة هي في المسيح بمثابة السر، أي العلامة والأداة في الاتحاد الصميم بالله ووحدة الجنس البشري برمته”: غاية الكنيسة الأولى هي أن تكون سر الاتحاد الصميم بين البشر والله.
ذلك أن الشركة بين البشر تتأصل في الاتحاد بالله. والكنيسة هي أيضا سر وحدة الجنس البشري.
وفيها ابتدأت هذه الوحدة إذ إنها تجمع بشراً “من جميع الأمم والأعراق والشعوب واللغات” (رؤ 7، 9)؛ والكنيسة في الوقت نفسه “علامة وأداة” لتحقيق هذه الوحدة الكامل، تلك الوحدة التي من شأنها أن تأتي أيضا.
776- وإذ كانت الكنيسة سراً فهي أداة المسيح. “إنها بين يديه أداة فداء جميع البشر، “سر الخلاص الشامل”، الذي به “يظهر المسيح ويفعل محبة الله للبشر”. إنها “تصميم محبة الله للبشرية المنظورة”، الذي يريد “أن يؤلف الجنس البشري كله شعباً واحدا لله، وأن يجتمع في جسد المسيح الواحد، وأن يبنى هيكلا واحداً للروح القدس”.
بإيجاز:
777- اللفظة “كنيسة” تعني “دعوة”. إنها تدل على مجموعة الذين تدعوهم كلمة الله ليؤلفوا شعب الله، والذين إذا اغتذوا بجسد المسيح يصبحون هم أنفسهم جسد المسيح.
778- الكنيسة هي طريق تصميم الله وغايته معاص: لقد رمز إليها في الخليقة، وهيئت في العهد القديم، وأسست بأقوال يسوع المسيح وأعماله، وحققت بصليبه الفدائي وقيامته، فظهرت سر خلاص بفيض الروح القدس. وأنها ستبلغ تمامها في المجد السماوي لمجموعة لجميع المفتدين على الأرض.
779- الكنيسة منظورة وروحانية معاً، جمعية ذات سلطات وجسد المسيح السري. إنها واحدة بعنصرين بشري وإلهي. وفى هذا سرها الذي لا يتقبله إلا الإيمان.
780- الكنيسة في هذا العالم سر الخلاص، والعلامة والأداة لشركة الله والبشر.
الفقرة 2 الكنيسة- شعب الله
جسد المسيح، هيكل الروح القدس
1- الكنيسة- شعب الله
781- إن من يتقي الله ويعمل البر في كل زمان وفي كل أمه لمقبول عند الله وإنما شاء الله أن يقدس الناس ويخلصهم لا متفرقين بدون ما ت اربط في ما بينهم بل أراد أن يجعلهم شعبا يعرفه في الحقيقة ويخدمه في القداسة فاختار لنفسه شعب إسرائيل شعبا وقطع معه عهدا ونشأة فشيئا مظهرا له نفسه ومقاصده في غضون تاريخية ومقدسا إياه لنفسه بيد أن هذا كله كان على سبيل التهيئة والرمز للعهد الجديد الكامل الذي سيبرم في المسيح فهذا العهد الجديد هو العهد الذي أبرمه المسيح العهد الجديد بدمه داعيا اليهود والأمم ليجعل منهم شعبا يجتمع في الوحدة لا يحسب الجسد بل بحسب الروح
خصائص شعب الله
782- لشعب الله خصائص تميزه تميي از دقيقا مما في التاريخ من مجتمعات دينية وعرقية وسياسية وثقافية:
– إنه شعب الله: ليس الله ملكا خاصا لأي شعب ولكنه اقتنى شعبا ممن لم يكونوا قبلا شعبا جيل مختار وكهنوت ملوكي وأمه مقدسة (ا بط 2، 9).
– يصير الإنسان عضوا في هذا الشعب لا بالولادة الطبيعية ولكن بالولادة من فوق بالماء والروح (يو 3، 3– 5) أي بالإيمان بالمسيح وبالمعمودية.
– لهذا الشعب رئيس رأس هو يسوع المسيح الممسوح، الماسيا لأن المسحة الواحدة الروح القدس تأتي من الرأس في الجسد إنه الشعب المسيحاني.
– حال هذا الشعب حال الكرامة وحرية أبناء الله في قلوبهم بسكن الروح القدس سكناه في هيكله.
– شريعته الوصية الجديدة أن يجب كما أحبنا المسيح نفسه أنها شريعة الروح القدس الجديدة.
– رسالته أن يكون ملح الأرض ونور العالم وهو للجنس البشرية كله نواة وحدة ورجاء وخلاص بالغ الفعالية.
– مصيره أخيرا هو ملكوت الله الذي بدأه الله نفسه على الأرض ملكوت يجب أن يمتد أكثر فأكثر إلى أن يتمه الله نفسه في آخر الأزمان.
شعب كهنوتي نبوي وملكي
783- يسوع المسيح هو الذي مسحة الآب بالروح القدس وأقامه كاهنا ونبيا وملكا وشعب الله كله يشترك في وظائف المسيح الثلاث هذه ويتحمل مسؤوليات الرسالة والخدمة التي تنشا عنها.
784- بدخول الإنسان في شعب الله بالإيمان والمعمودية يصبح شريكا في دعوة هذا الشعب الواحدة في دعوته الكهنوتية أن المسيح الرب الحبر المأخوذ من بين الناس قد جعل من الشعب الجديد ملكوتا وكهنة لإلهه وأبيه ذلك أن المعمدين قد تكرسوا بالميلاد الثاني ومسحة الروح القدس لكي يكونوا مسكنا روحيا وكهنوتا مقدسا.
785- وإن شعب الله المقدس يشترك أيضا في وظيفة المسيح النبوية وهو على وجهه خاص بحس الإيمان الفائق الطبيعة الذي هو حس الشعب بكامله علمانيين وذو ي سلطة عندما يتمسك تمسكا ثابتا بالإيمان الذي سلم للقديسين دفعة واحدة ويتعمق في فهمة ويصبح شاهدا للمسيح في وسط هذا العالم.
786- وشعب الله يشترك أخيرا في وظيفة المسيح الملكية فالمسيح يمارس سلطانه الملكي عندما يجتذب إليه جميع البشر بموته وقيامته المسيح ملك العالم وربه جعل نفسه خادما للجميع إذ انه لم يأت لكي يخدم ويبذل نفسه فداء عن الكثيرين (متى 20، 28) في عرف المسيحي الملك هو خدمة المسيح ولا سيما في الفقراء والمتألمين الذين ترى فيهم الكنيسة صورة مؤسسها الفقير المتألم وشعب الله يحقق كرامته الملكية عندما يحيا وفقا لهذه الدعوة اعني الخدمة مع المسيح ” إن إشارة الصليب تجعل المتجددي الولادة في المسيح ملوكا ومسحة الروح القدس تكرسهم كهنة بحيث أن جميع المسيحيين الروحيين والسالكين على سنن عقولهم يعدون أنفسهم أعضاء هذا الجيل الملوكي ومشاركين في وظيفة الكهنوت باستثناء خدمة وظيفتنا الخاصة فأي شيء بهذه الملكوية للنفس عندما تحكم جسدها في الخضوع لله ؟ وأي شيء بهذه الكهنوتية عندما تكرس للرب ضميرا طاهرا وتقدم على هيكل قلبها ذبائح البر الخالية من الدنس.
2- الكنيسة جسد المسيح الكنيسة شركة مع يسوع
787- منذ البداية أشرك يسوع تلاميذه في حياته لقد كشف لهم عن سر الملكوت وجعل لهم نصيبا في رسالته وفرحه وآلامه ويسوع يتحدث عن شركة حميمة أعمق بينه من سيتبعونه اثبتوا في وأنا فيكم أنا الكرمة وأنتم الأغصان (يو 15، 4– 5) وهو يبشر بشركه سرية وحقيقية بين جسده وجسدنا من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه (يو 6، 56).
788- عندما حرم التلاميذ من حضور يسوع المنظور لم يدعهم يسوع أيتاما فقد وعدهم بأن يبقى معهم إلى أخر الأزمان وأرسل لهم روحه وقد أصبحت الشركة مع يسوع بسبب ذلك أشد وأعمق نوعا ما أحل روحه على إخوته الذين دعاهم من جميع الأمم فجعلهم جسدا سريا له.
789- تشبيه الكنيسة بالجسد يلقي ضوءا على العلاقة الحميمة بين الكنيسة والمسيح فليست هي مجمعة حوله وحسب إنها موحدة فيه في جسده فثلاثة وجوه للكنيسة- جسد المسيح يجب تمييزها وحدة جميع الأعضاء في ما بينهم عن طريق اتحادهم بالمسيح المسيح رأس الجسد الكنيسة عروس المسيح.
جسد واحد
790- المؤمنون الذين يستجيبون لكلمة الله ويصبحون أعضاء جسد المسيح يصبحون متحدين بالمسيح اتحادا وثيقا في هذا الجسد تنتشر حياة المسيح في المؤمنين الذين بالأس ارر يتحدون اتحادا سريا وحقيقيا بالمسيح المتألم والممجد وهذا يصح بنوع خاص في المعمودية التي بها نتحد بموت المسيح وقيامه وفي الافخارستيا التي بها نشترك إشتراكا حقيقيا في جسد المسيح ونرتفع إلى الشركة معه وفي ما بيننا.
791- وحدة الجسد لا تلغي تنوع الأعضاء ففي عمل بناء جسد المسيح تتنوع الأعضاء والوظائف فإنه واحد الروح الذي يوزع مواهبه بحسب غناه ومستلزمات الخدم لفائدة الكنيسة ووحدة الجسد السري تبعث المحبة وتنشطها بين المؤمنين
“وهكذا فإن تألم عضو تألمت الأعضاء كلها معه، وإذا أكرم عضو فرحت الأعضاء كلها معه “وأخيراً فوحدة الجسد السري تتغلب على جميع انقسامات البشر: “فأنتم الذين بالمسيح اعتمدتم قد لبستم المسيح؛ فليس يهودي ولا يوناني، وليس عبد ولا حر؛ ليس ذكر ولا أنثى، لأنكم جميعكم واحد في المسيح يسوع” (غل 3، 27- 28).
“المسيح رأس هذا الجسد”
792- المسيح “رأس الجسد الذي هو الكنيسة” (ك ول 1، 18). إنه مبدأ الخليقة والفداء. وإذ رفع في مجد الآب فهو “الأول في كل شيء” (ك ول 1، 18)، ولا سيما في الكنيسة التي سيبسط بها ملكوته على كل شيء.
793- إنه يضمنا إلى فصحه: على جميع الأعضاء أن يعملوا على التشبه به “إلى أن يتصورالمسيح فيهم” (غل 4، 19). “من أجل ذلك إشركنا في أسرار حياته .. وإننا نشترك في آلامه اشتراك الجسد في الرأس، متألمين معه لنتمجد معه.”
794- وهو يتدبر نمونا: فلكي ينمينا أرسنا المسيح إليه، يعد في جسده الكنيسة المواهب والخدم التي يساعد بها بعضنا بعضاً في طريق الخلاص.
795- المسيح والكنيسة هما إذًا “المسيح بكامله( “Christus totus). فالكنيسة واحدة مع المسيح .
وللقديسين إدراك عميق لهذه الوحدة:
“لنغبط أنفسنا إذًا ونرفع الشكر لكوننا صرنا، لا مسيحيين وحسب، بل المسيح نفسه. هل تدركون، يا أخوتي، النعمة التي منحنا إياها الله عندما منحنا المسيح أرسا؟ تعجبوا وابتهجوا ،فقد أصبحنا المسيح. وهكذا فيما أنه الرأس ونحن الأعضاء، فالإنسان الكامل هو وحن (..) ملء المسيح هو الرأس والأعضاء؛ وما معنى: الرأس والأعضاء؟ المسيح والكنيسة.” “إن فادينا اظهر ذاته شخصاً واحداً هو والكنيسة التي اتخذها”.
” رأس وأعضاء، شخص واحد سرى إن صح التعبير”.
كلمة للقديسة جان دارك موجهة إلى القضاة تلخص عقيدة الملافنة القديسين وتعبر عن فكر المؤمن البسيط: “يسوع المسيح والكنيسة، رأيي أنهما واحد، وما من صعوبة في ذلك.”
الكنيسة هي عروس المسيح
796- وحدة المسيح والكنيسة، الرأس وأعضاء الجسد، تتضمن أيضا تميز الاثنين في علاقة شخصية. وكثيراً ما يعبر عن هذا الوجه بصورة الزوج والزوجة. وموضوع المسيح عريس الكنيسة هيأه الأنبياء وبشر به يوحنا المعمدان. والسيد نفسه دل على ذاته بلفظه “العريس”(مر 2، 19). والرسول يقدم الكنيسة وكل مؤمن، عضو جسده، على أنها عروس “مخطوبة” للمسيح الرب بحيث لا تكون معه إلا روحاً واحدا. إنها العروس الطاهرة للحمل الطاهر التي أحبها المسيح، والتي لأجلها سلم نفسه “لكي يقدسها” (أف 5، 26)، واتخذها شريكة له بعهد أبدى، والتي لا يكف عن العناية بها كجسد له خاص.
” هذا هو المسيح بكامله، أرساً وجسداً، واحداً مؤلفاً من كِثرة. سوا ء كان ال أرس متكلماً، أو كانت الأعضاء، فالمسيحُ هو المتكلم. يتكلم أرساً أو جسداً. بحسب ما كُتب: “يصيران كلاهما جسداً واحداً. إن هذا لسرٌّ عظيم. أقول هذا بالنسبة إلى المسيح والكنيسة (أف 5، 31- 32 ). والرب نفسه يقول في الإنجيل: “فليسا هما اثنين بعد ولكنهما جسدا واحدا” (متى 19، 6).
وهكذا نرى شخصين مختلفين، إلا أنهما واحد في عناقهما الزوجي. … إنه “زوج” من حيث الرأس، و “زوجة” من حيث الجسد”.
3- الكنيسة ـ هيكل الروح القدس
797- “الروح القدس هو لأعضاء المسيح، لجسد المسيح، أي الكنيسة، ما هي روحنا أي نفسنا لأعضائنا”. “فإلى روح المسيح، كمبدأ خفي، يجب إرجاع ترابط جميع أقسام الجسد في ما بينها، وفي ما بينها وبين أرسها الأعلى، إذ عن هذا الروح يقيم كاملاً في ال أرس، وكاملاً في الجسد، وكاملاً في كل عضو من أعضائه” الروح القدس يجعل من الكنيسة “هيكل الله الحي( “2 كو 6، 16).
“لقد أودعت الكنيسة نفسها موهبة الله .. وفيها جعلت الشركة مع المسيح، أي الروح القدس ،عربون عدم الفساد، ورسوخ، وسلم ارتقائها إلى الله .. فحيث تكون الكنيسة يكون روح الله؛ وحيث يكون روح الله تكون الكنيسة وكل نعمة”.
798- الروح القدس هو “مبدأ كل عمل حيوي وخلاصي في كل جزء من أج ازء الجسد” إنه يعمل بط ارئق متعددة على بناء الجسد كله في المحبة: بكلمة الله “القادرة أن تبنى البناء “(رسل 20، 32)، وبالمعمودية التي يكون بها جسد المسيح؛ وبالأسرار التي تنمي أعضاء المسيح وتقدم لها الشفاء؛ وبالنعمة الموهوبة للرسل والتي لها محل الصدارة بين مواهبه؛ وبالفضائل التي تحمل على سلوك طريق الصلاح؛ وأخيراً بالنعم الخاصة المتعددة المدعوة “المواهب اللدنية” التي يجعل بها المؤمنين “قادرين على تحمل المسؤوليات والوظائف المختلفة التي تساعد على تجديد الكنيسة وزيادة بنائها.
المواهب اللدنية
799- المواهب اللدنية، سواء كانت خارقة العادة أو بسيطة ومتواضعة، هي نعم من الروح القدس ذات فائدة كنسية مباشرة أو غير مباشرة، وموجهة إلى بناء الكنيسة، وإلى خير البشر وسد حاجات العالم.
800- يجب على من ينال المواهب اللدنية وعلى جميع أعضاء الكنيسة أن يتقبلوها بشكر. إنها ثروة نعم عجيبة للحيوية الرسولية، ولقداسة جسد المسيح كله؛ على أن تكون تلك المواهب صادرة في الحقيقة عن الروح القدس، وأن يكون العمل بها موافقا تمام الموافقة لدوافع هذا الروح نفسه الحقيقة، أي بحسب المحبة، المقياس الحقيقي لهذه المواهب.
801- بهذا المعنى تظهر الحاجة الدائمة إلى تميز المواهب. ما من موهبة تعفى من الرجوع إلى رعاة الكنيسة والخضوع لهم. “فإليهم بنوع خاص يعود، لا إطفاء الروح، بل اختبار كل شيء لاختيار ما هو صالح”، لكي تتضافر جميع المواهب، في تنوعها وتكاملها، في سبيل “الخير العام( “1 كو7 ،12.)
بإيجاز :
802- “يسوع المسيح بذل نفسه لجلنا ليفدينا من كل إثم ويظهر لنفسه شعبا خاصاً” (تي 2، 14).
803- “أما أنتم فجيل مختار وكهنوت ملوكي وأمة مقدسة وشعب مقتنى(“1 بط 2، 9).
804- يدخل الإنسان في شعب الله بالإيمان والمعمودية. “جميع الناس مدعوون لأن يكونوا من شعب الله الجديد” حتى “يصبح البشر، في المسيح، أسرة واحدة وشعب الله الواحد.”
805- الكنيسة جسد المسيح. بالروح وعمله في الأسرار، ولا سيما الإفخارستيا، يؤلف المسيح ،الذي مات وقام، أسرة على أنها جسده.
806- في وحدة هذا الجسد أعضاء ووظائف مختلفة. والأعضاء جميعهم مترابطون في ما بينهم، وهم مرتبطون على وجه خاص بالمتألمين، والفقارء والمضطهدين.
807- والكنيسة هي هذا الجسد الذي أرسه المسيح: إنها تحيا منه، وفيه، ولأجله؛ وهو يحيا معها وفيها.
808- الكنيسة عروس المسيح: أحبها وبذل نفسه لأجلها ،وطهرها بدمه؛ وجعل منها أما خصبة لجميع أبناء الله.
809- الكنيسة هيكل الروح القدس. الروح هو بمثابة روح الجسد السري، ومبدأ حياته، ووحدته في التنوع، وغنى عطاياه ومواهبه.
810- هكذا تبدو الكنيسة الجامعة، “كشعب يستمد وحدته من وحدة الآب والابن والروح القدس.”
الفقرة 3 –الكنيسة واحدة، مقدسة، كاثوليكية، ورسولية
811- “تلك هي كنيسة المسيح، التي نعترف في قانون الإيمان بأنها واحدة، مقدسة، كاثوليكية ورسولية. هذه الصفات الأربع، المترابطة ارتباطاً غير قابل الانفصام تدل على خصائص جوهرية في الكنيسة وفى رسالتها. والكنيسة لم تحصل عليها من ذاتها؛ فالمسيح هو الذي، بالروح القدس ،يهب كنيسته أن تكون واحدة مقدسة، كاثوليكية ورسولية، وهو الذي يدعوها إلى تحقيق كل واحدة من هذه الصفات.”
812- الإيمان وحده يستطيع أن يعرف أن الكنيسة تستقى هذه الخصائص من ينبوعها الإلهي .
إلا أن الظهورات التاريخية لهذه الخصائص هي علامات تخاطب أيضا العقل البشر ي بوضوح .والمجمع الأول يذكر “أن الكنيسة، بسبب قداستها ووحدتها الكاثوليكية، وثباتها الغلاب، هي نفسها عامل عظيم ومتواصل، وبرهان دامغ على رسالتها الإلهية.”
1- الكنيسة واحدة
“سر وحدة الكنيسة المقدس”
813- الكنيسة واحدة من ينبوعها: “مثال هذا السر الأسمى ومبدأه في وحدة الإله الواحد، الآب والابن والروح القدس، في ثالوثية الأقانيم”. والكنيسة واحدة من مؤسسها: “لأن الابن المتجسد نفسه قد أصلح بصليبه ما بين جميع البشر، وأعاد وحدة الجميع من شعب واحد وجسد واحد” والكنيسة واحدة من “روحها”: فالروح القدس الذي يسكن في المؤمنين والذي يمل ويسوس الكنيسة كلها ،يحقق شركة المؤمنين هذه العجيبة، ويوحدهم توحيداً حميماً في المسيح، بحيث يكون مبدأ وحدة الكنيسة “فمن جوهر الكنيسة إذًا أن تكون واحدة”.
“يا له من سر عجيب! آب واحد للكون، وكلمة واحد للكون، وكذلك روح قدس واحد، هو هو في كل مكان. وعذراء واحدة صارت أما، ويطيب لي أن أسميها الكنيسة.”
814- منذ البدء تظهر هذه الكنيسة الواحدة في كثير من التنوع الذي يأتيها من تنوع مواهب الله ومن تعدد الأشخاص الذي يتقبلون تلك المواهب. في وحدة شعب الله تتجمع الشعوب والثقافات المختلفة. يوجد بين أعضاء الكنيسة تنوع في المواهب والوظائف، والحالات، وطرائق العيش؛ “ففي داخل شركة الكنيسة توجد شرعا كنائس خاصة تتمتع بتقاليد خاصة” وهذا الغنى في التنوع لا يعارض وحدة الكنيسة. إلا أن الخطيئة أعباء عواقبها تهدد موهبة الوحدة تهديدا متواصلا. ولهذايحرض الرسول على “حفظ وحدة الروح برباط السلام” (أف 4، 3).
815- ما هي روابط الوحدة هذه؟ فوق جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال” (ك ول 3،14). ولكن وحدة الكنيسة في مسيرتها تحافظ عليها أيضا روابط شركة منظورة:
الاعتراف بإيمان واحد منقول عن الرسل؛
الاحتفال المشترك بالعبادة الإلهية، ولا سيما الأسرار؛
التعاقب الرسولي بسر الكهنوت، محافظاً على الوفاق الأخوي في أسرة الله.
816- “كنيسة المسيح الواحدة .. هي تلك التي شملها مخلصنا بعد قيامته إلى بطرس لكي يكون لها ارعياً، والتي أناط ببطرس وسائر الرسل أمر نشرها وقيادتها. هذه الكنيسة التي أنشئت نظمت كمجتمع في هذا العالم إنما تستمر في الكنيسة الكاثوليكية التي يسوها خليفة بطرس والأساقفة الذين على الشركة معه.”
قرار المجمع الفاتيكاني الثاني في موضوع الحركة المسكونية يصرح أنه “بكنيسة المسيح الكاثوليكية وحدها، التي هي وسيلة عامة للخلاص، يمكن الحصول على ملء وسائل الخلاص؛ فإن الهيئة الرسولية التي بطرس أرسها هي وحدها، بحسب إيماننا، قد أؤتمنت على جميع غنى العهد الجديد ،لتكون على الأرض جسداً واحداً للمسيح الذي ينبغي أن يندمج به ملء الاندماج جميع الذين أمسوا من شعب الله.”
جارح الوحدة
817- “في كنيسة الله هذه الواحدة ظهر منذ البدء بعض انقسامات استنكرها الرسول بشدة كشيء يستوجب الشجب، وفى غضون القرون اللاحقة وقعت انشقاقات أشد خطورة، وانفصلت طوائف ذات بال عن شركة الكنيسة الكاثوليكية التامة بذنب أفراد أحيانا من هذا الفريق وهذا الفريق الآخر “والانفصلات التي تجرح وحدة جسد المسيح ومرجعها إلى الهرطقة، والجحود، والانشقاق لا تجرى إلا بخطيئة البشر:
“حيث توجد الخطيئة يوجد التعدد، والانشقاق، والهرطقة، والنزاع؛ ولكن حيث توجد الفضيلة توجد الوحدة، والاتحاد الذي كان يجعل من جميع المؤمنين جسداً واحداً وروحا واحدة”.
818- إن الذين يولدون اليوم في الطوائف الناشئة من الانشقاقات و “يحيون من الإيمان بالمسيح لا يمكن أن يطالبوا بخطيئة انفصال، لذلك تشملهم الكنيسة الكاثوليكية إخوة في الرب.”
819- وإلى ذلك “فعناصر قداسة وحقيقة كثيرة” توجد خارج الحدود المنظورة للكنيسة الكاثوليكية:
“كلمة الله المكتوبة، وحياة النعمة، والإيمان، والرجاء، والمحبة، ومواهب أخرى داخلية للروح القدس، وعناصر أخرى منظورة” وروح المسيح يستخدم هذه لكنائس والجماعات الكنيسة كوسائل خلاص تأتى قوتها من ملء النعمة والحقيقة الذي أئتمن المسيح الكنيسة الكاثوليكية عليه. كل هذه الخب ارت تأتى من المسيح وتقود إليه، وتدعو في ذاتها إلى “الوحدة الكاثوليكية.”
نحو الوحدة
820- الوحدة “آتاها المسيح كنيسته منذ البدء. نؤمن أنها قائمة في الكنيسة الكاثوليكية ولا يمكن أن تزول، وتأمل أنها ستظل فيها في نمو مطرد يوما بعد يوم إلى منتهى الدهر” المسيح يمنح دائما كنيسته موهبة الوحدة، ولكن على الكنيسة أن تصلى دائماً وتعمل بلا انقطاع للحفاظ على الوحدة التي يريدها لها المسيح، وأن تقويها وتكملها. ولهذا صلى يسوع نفسه في ساعة آلامه، وهو لا يتوقف عن الصلاة إلى الآب لأجل وحدة تلاميذه: “ليكونوا بأجمعهم واحداً كما أنك أنت أرسلتني “(يو 17، 21). إن الرغبة في العودة إلى وحدة جميع المسيحيين هي موهبة من المسيح ودعوة من الروح القدس.
821- للإجابة الصحيحة عن تلك الدعوة لابد من:
ـ تجدد متواصل للكنيسة في أمانة أكبر لدعوتها. وهذا التجدد هو من اختصاص الحركة نحو الوحدة؛
ـ توبة القلب “في سبيل الحياة حياة أنقى بحسب الإنجيل”، إذا أن خيانة الأعضاء لموهبة المسيح هي التي تسبب الانقسامات.
ـ الصلاة المشتركة “إذ إن التجدد في الباطن والقداسة في السيرة، متجددين بالصلوات الجمهورية والفردية لأجل الوحدة بين المسيحيين، يجب أن يعدا بمثابة الروح لكل حركة مسكونية، وأن يسميا بحق “المسكونية الروحية”؛ ـ التعارف الأخوي المتبادل
ـ التنشئة المسكونية للمؤمنين، ولا سيما الكهنة؛
ـ الحوار بين اللاهوتيين واللقاءات بين المسيحيين من مختلف الكنائس والجماعات الكنسية؛ ـ التعاون بين المسيحيين في شتى مجالات خدمة البشر.
822- الاهتمام بتحقيق الوحدة يعنى الكنيسة كلها مؤمنين ورعاة ولكن يجب أن تعي أن هذا المشروع المقدس أي مصالحة جميع المسيحيين في وحدة كنيسة واحدة ووحيدة للمسيح تفوق قوى البشر وطاقاتهم ولهذا نجعل رجاءنا كله في صلاة المسيح لأجل الكنيسة وفي محبة الآب لنا وفيقدرة الروح القدس.
2- الكنيسة المقدسة
823- الكنيسة في نظر الإيمان مقدسة على الزمن ذلك بأن المسيح ابن الله الذي هو مع الآب والروح وحدة القدوس قد أحب الكنيسة كعروس له وأسلم نفسه لأجلها ليقدسها واتحد بها جسدا له وغمرها بموهبة الروح القدس لمجد الله فالكنيسة إذًا هي شعب الله المقدس وأعضائها يدعون قديسين.
824- الكنيسة باتحادها بالمسيح يقدسها المسيح به وفية تصبح الكنيسة أيضا مقدسة جميع أعمال الكنيسة موجهة إلى تقديس البشر في المسيح والي تمجيد الله وكان ذلك هو غايتها وهدفها في الكنيسة جعل ملء وسائل الخلاص وفيها نكتسب بنعمة الله.
825- تتمتع الكنيسة على الأرض بقداسة حقيقية وان غير كاملة ولا بد لأعضائها من السعي أيضا إلى اكتساب القداسة الكاملة أن جميع المؤمنين ولهم مثل هذا القدر من وسائل الخلاص العظيمة يدعوهم الرب أيا كانت حالهم ووضعهم وكلا في طريقته إلى كمال القداسة التحى مثالها كمال الآب .
826- المحبة روح القداسة التي دعي إليها الجميع أنها توجه وسائل القداسة وتعطيها روحها وتقودها إلى غايتها أدركت انه لو كان للكنيسة جسد مؤلف من عدة أعضاء لما كان ينقصها الأهم والأنبل أدركت أن الكنيسة تملك قلبا وأن هذا القلب يضطرم حبا أدركت أن الحب وحدة هو الذي كان يحرك أعضاء الكنيسة وانه لو خمد الحب لتوقف الرسل عن التبشير بالإنجيل وتمنع الشهداء عن بذل دمهم أدركت أن الحب يحتوي جميع الدعوات وأن الحب هو كل شيء وأنه يشمل جميع الأزمان وجميع الأمكنة إنه أزلي.
827- فيما كان المسيح القدوس البريء والذي لا عيب في لم يعرف الخطيئة بل أتي ليكفر عن خطايا الشعب فقط فان الكنيسة التي تضم في حضنها الخطأة هي في أن واحد مقدسة ومفتقرة دائما إلى التطهير ولأني عاكفة على التوبة والتجدد جميع أعضاء الكنيسة بما فيهم من خدمة مرسومين يجب أن يعرفوا أنهم خطأة في الجميع زؤان الخطيئة يخالط بذور الإنجيل الصالحة إلى أخر الأزمان فالكنيسة تضم إذًا خطأة شملهم خلاص المسيح ولكنهم أبدا في طريق القداسة الكنيسة المقدسة وهي تضم في حضنها خطأة لان ليس لها هي نفسها حياة سوى حياة النعمة أنها حين تحيا حياتها يتقدس أعضاؤها وهي عندما تحيد عن حياتها يسقطون في الخطيئة وفي الانحرافات التي دون تلألؤ قداستها ولهذا فهي تتألم وتكفر عن هذه الخطايا التي أعطيت سلطان شفاء أبنائها منها بدم المسيح وموهبة الروح القدس.
828- عندما تطوب الكنيسة بعض المؤمنين أي عندما تعلن أن هؤلاء المؤمنين أي عندما تعلن أن هؤلاء المؤمنين مارسوا الفضائل على وجه بطولي وساروا في الأمانة لنعمة الله فهي تعترف بقدرة روح القداسة الذي فيها وتعضد رجاء المؤمنين عندما تقدم لهم أولئك نماذج وشفعاء فالقديسون والقديسات كانوا أبدا ينبوع ومصدر تجدد في أصعب أوقات تاريخ الكنيسة وهكذا فالقداسة هي الينبوع الخفي والمعيار الذي لا يخطئ لعملها الرسولي ولا اندفاعها إلى الرسالة.
829- قد بلغت الكنيسة في شخص العذ ارء الطوباوية الكمال في غير كلف ولا غضن ومؤمنو المسيح أيضا يجدون بنشاط في طريق النمو في القداسة بالتغلب على الخطيئة كذلك يشخصون بأبصارهم إلى مريم ففيها الكنيسة هي الكلية القداسة.
3- الكنيسة الكاثوليكية ما معنى كاثوليكية؟
830- اللفظة كاثوليكية تعنى جامعة أي بحسب الكلية أو بحسب التمامية فالكنيسة كاثوليكية بمعنى مزدوج أنها كاثوليكية لأن المسيح حاضر فيها حيث يكون المسيح يسوع تكون الكنيسة الكاثوليكية ففيها ملء جسد المسيح متحدا ب أرسه وهذا يعنى إنها تنال منه ملء وسائل الخلاص التي أ اردها لها الاعتراف بالإيمان القويم والكامل وحياة الأس ارر التامة وخدمة مرسومة في الخلافة الرسولية وهكذا كانت الكنيسة بهذا المعنى الأساسي كاثوليكية في يوم العنصرة وستكون كذلك إلى يوم مجيء المسيح.
831- وهي كاثوليكية لأن المسيح أرسلها في رسالة إلى الجنس البشري بكاملة أن جميع الناس مدعوون لأن يكونوا من شعب الله الجديد لذلك يجب أن يمتد ذلك الشعب مع بقائه واحدا وحيدا على العالم بأسرة وعلى جميع الأزمان لكي تتم مقاصد إرادة الله الذي خلق في البدء الطبيعة البشرية واحدة ويريد أن يجمع أخيرا في الوحدة أبناءها المتفرقين وإن هذا الطابع طابع الشمول الذي يلقي النورعلى شعب الله هو عطية من الرب نفسه تسعي بقوتها الكنيسة الكاثوليكية سعيا فعالا مستمرا إلى جمع البشرية بأسرها مع كل ما تنطوي علية من خير تحت أرسها الذي هو المسيح في وحدة الروح القدس .
كل كنيسة خاصة هي كاثوليكية
832- كنيسة المسيح حاضرة حقا في كل جماعات المؤمنين المحلية الشرعية التي باتحادها يسمونها أيضا في العهد الجديد كنائس فيها يتجمع المؤمنين بالدعوة بإنجيل المسيح وفيها يحتفل بسر عشاء الرب وهذه الجماعات مهما كانت في الغالب صغيرة وفقيرة أو مشتتة فإن المسيح حاضر فيها وبقوته تقوم الكنيسة واحدة مقدسة كاثوليكية رسولية.
833- ي ارد بكنيسة خاصة وهي أولا الأبرشية مجموعة مؤمنين مسيحيين في شركة الإيمان والأسرار مع أسقفهم المرسوم في الخلافة الرسولية وهذه الكنائس الخاصة مكونة على صورة الكنيسة الجامعة وفيها وبها تقوم الكنيسة الكاثوليكية واحدة وحيدة.
834- الكنائس الخاصة كاملة في كاثوليكيتها بالشركة مع إحداها أي كنيسة رومه التي لها صدارة المحبة فمع هذه الكنيسة وبسبب أصلها الاسمي يجب أن تتفق كل كنيسة أي مؤمنو كل مكان فمنذ نزول الكلمة المتجسد إلينا جميع الكنائس المسيحية في كل مكان رأت وترى في الكنيسة العظمى التي هنا في رومة ركنا وأساسا فريدا لأن أبواب الجحيم على حد وعود المخلص نفسها لم تقو عليها قط.
835- يجب أن لا تعد الكنيسة الجامعة مجرد مجموعة أو اتحاد كنائس خاصة ولكنها أكثر من ذلك الكنيسة الجامعة بدعوتها ورسالتها التي تتأصل في حقول ثقافية واجتماعية وإنسانية مختلفة متخذة في كل ناحية وجوها وأشكالا تعبيرية مختلفة أن التنوع الغنى في الأنظمة الكنيسة والطقوس الليتورجية والتراث اللاهوتي والروحي الذي تنفرد به الكنائس المحلية يظهر بوضوح أكثر وبما تتلاقي به الكنائس في الوحدة كاثوليكية الكنيسة غير القابلة التجزؤ .
من ينتمي إلى الكنيسة الكاثوليكية؟
836- “جميع الناس مدعوون إلى وحدة شعب الله الكاثوليكية ..؛ ويرتبط بها على وجوه مختلفة، أو هم في السبيل إليها، المؤمنون الكاثوليك، وسائر المؤمنين بالمسيح وأخيراً سائر الناس، بدون ما استثناء، المدعوين بنعمة الله إلى الخلاص.”
837- “ينتمي إلى مجتمع الكنيسة انتماءً تاماً الذين، بعد إذ حصلوا على روح المسيح، يتقبلون تقبلاً كلياً نظاماً وجميع وسائل الخلاص التي أنشئت فيها، ويتحدون، في مجتمعها المنظور، بالمسيح الذي يقودها بواسطة الحبر الأعظم والأساقفة المتحدين في ما بينهم بربط الاعتراف بالإيمان والأسرار والحكم الكنسي والشركة. بيد أنه لا يخلص، على كونه منتمياً إلى الكنيسة، ذاك الذي لا يثبت في المحبة، فيقيم في حضن الكنيسة “بالجسم” لا بالقلب.”
838- “أولئك الذين باعتمادهم نالوا كرامة الاسم المسيحي، ولكنهم لا يعترفون بالإيمان كاملاً، أولا يحتفظون بوحدة الشركة مع خليفة بطرس، تعلم الكنيسة أنها متحدة بهم لأسباب متعددة”. “وإن الذين يؤمنون بالمسيح وقد قبلوا المعمودية قبولاً صحيحاً هم على الشركة، وإن غير كاملة، مع الكنيسة الكاثوليكية” وهذه الشركة مع الكنائس الأرثوذكسية هي بهذا المقدار من العمق “حتى إنه ينقصها شيء قليل لكي تبلغ الكمال الذي يبيح الاشتراك في إقامة ذبيحة إفخارستيا الرب.”
الكنيسة وغير المسيحيين
839- “وأما الذين لم يقبلوا الإنجيل بعد فهم أيضا مدعوون بطرق مختلفة إلى شعب الله”. علاقة الكنيسة بالشعب اليهودي. الكنيسة، شعب الله في العهد الجديد، تكتشف، وهي تقضى سرها الخاص، علاقتها بالشعب اليهودي، “الذي كلمه الله أولاً” فبعكس الديانات الأخرى غير المسيحية، الإيمان اليهودي هو جواب على وحي الله في العهد القديم. فللشعب اليهودي “التبني والمجد والعهود والتشريع والعبادة والوعود والأجداد، هو الذي ولد منه المسيح بحسب الجسد” (رو 9، 4- 5)، إن “مواهب الله ودعوته هي بلا ندامة” (رو 11، 29).
840- وإلى ذلك فعندما تنظر إلى المستقبل نرى أن شعب الله في العهد القديم وشعب الله الجديد يتوجهان إلى أهداف متشابهة: انتظار مجيء أو عودة الماسيا. ولكن الانتظار هو من جهة لعودة المعالم، في آخر الأزمان، انتظار مقرون بمأساة الجهل أو عدم الاعتراف بالمسيح يسوع.
841- علاقة الكنيسة بالمسلمين. “إن تدبير الخلاص يشمل أيضا أولئك الذين يؤمنون بالخالق، وأولهم المسلمون الذين يعلنون أنهم على إيمان إبراهيم، ويعبدون معنا الله الواحد، الرحمان الرحيم ،الذي يدين الناس في اليوم الآخر.”
842- علاقة الكنيسة بالديانات الأخرى غير المسيحية هي أولا علاقة أصل الجنس البشري وغايته “جميع الشعوب يؤلفون أسرة واحدة؛ فهم جميعهم من أصل واحد، إذ أسكن الله الجنس البشر ي كله على وجه هذه الأرض، ولهم جميعاً غاية قصوى واحدة، وهي الله الذي يبسط على الجميع كنف عنايته. وآيات لطفه، ومقاصده الخلاصية، إلى أن يجتمع مختاروه في المدينة المقدسة.”
843- “الكنيسة ترى في الأديان الأخرى تلمسها، “الذي لا يزال في الظل وفى خفاء الصور”، لله المجهول والقريب الذي يعطى الجميع الحياة والنفس وكل شيء والذي يريد أن يخلص جميع البشر .وهكذا ترى الكنيسة أن كل ما يمكن أن يوجد من الصلاح والحق في الديانات هو “تمهيد للإنجيل وموهبة من ذاك الذي ينير كل إنسان لكي تكون له الحياة أخيراً”.
844- ولكن البشر يظهرون أيضا، في سلوكهم الديني، حدوداً وأضاليل تشوه فيهم صورة الله:
“كثيراً ما يخدع الشيطان الناس فيضلون سواء السبيل في أفكارهم، ويستبدلون بحقيقة الله البطل، عابدين المخلوق دون الخالق، أو أنهم يحيون ويموتون بدون الله في هذا العالم، فيعرضون أنفسهم لليأس الذي ما بعده يأس.”
845- لقد أ ارد الآب أن يدعو جميع البشر في كنيسة ابنه ليجمع مجدداً جميع أبنائه الذين شتتهم الخطيئة. الكنيسة هي المكان الذي يجب أن تجد فيه البشرية وحدتها وخلاصها. أنها “العالم مصالحاً” إنها تلك السفينة التي “تبحر هذا العالم على هبوب الروح القدس تحت الشراع الكامل لصليب الرب ،”وهي، على حد تصور آباء الكنيسة، فلك نوح الذي وحده ينجى من الطوفان.
“لا خلاص خارج الكنيسة “
846- كيف يجب علينا؟ أن نفهم هذه العبارة التي طالما رددها آباء الكنيسة؟ إذا صيغت بطريقة إيجابية فإنها تعنى أن كل خلاص يأتي من المسيح الرأس عن طريق الكنيسة التي هي جسده:
“إن المجمع المقدس، استناداً منه إلى الكتاب المقدس والتقليد، يعلم أن هذه الكنيسة التي هي في حالة سفر على الأرض ضرورية للخلاص. ذلك بأن المسيح وحده هو وسيط الخلاص وطريقه: وهو يصير حاضراً لأجلنا في جسده الذي هو الكنيسة؛ فإنه إذ يعلم بصريح العبارة ضرورة الإيمان والمعمودية، قد أكد في الوقت نفسه ضرورة الكنيسة التي يلج فيها الناس بالمعمودية كما من باب .ومن ثم فإن الذين لا يجهلون أن الله قد أنشا بيسوع المسيح الكنيسة الكاثوليكية أداة ضرورية ثم يرفضون الدخول إليها أو الثبات فيها، لا يستطيعون سبيلاً إلى الخلاص”.
847- هذا الكلام غير موجهه إلى الذين يجهلون المسيح وكنيسته على غير ذنب:
“إن الذين، على ذنب منهم، يجهلون، إنجيل المسيح وكنيسته، ويطلبون مع ذلك الله بقلب صادق، ويجتهدون، بنعمته، أن يتمموا في أعمالهم إرادته كما يمليها عليهم ضميرهم، فهؤلاء، يمكنهم أن ينالوا الخلاص الأبدي.”
848- “وإن كان بإمكان الله أن يقود إلى الإيمان، الذي يستحيل إرضاء الله بدونه، بطرق يعرفها هو وحده، أناسا يجهلون الإنجيل عن غير خطأ منهم، فعلى الكنيسة تقع ضرورة تبشير جميع البشر بالإنجيل، وهو أيضا حق لها مقدس.”
الرسالة ـ من مقتضيات كاثوليكية الكنيسة
849- التفويض الإرسالي. “إن الكنيسة التي أرسلها الله إلى الأمم لكي تكون السر الجامعللخلاص، هي مشدودة إلى تبشير جميع البشر بالإنجيل، تشدها المقتضيات العميقة في كاثوليكيتها الخاصة، والعمل بأمر مؤسسها”: “فأذهبوا وتلمذوا كل الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كل الأيام إلى منتهى الدهر ” (متى 28، 19- 20).
850- مصدر الرسالة وغايتها. المصدر الأعلى لتكليف الرب الإرسالي هو في محبة الثالوث الأقدس الأزلية: “الكنيسة في طبيعتها المتجولة رسولية، لأنها تصدر عن رسالة الابن، وعن رسالة الروح القدس، وفاقاً لقصد الله الآب”. وليس هدف الرسالة الأخير إلا في إشراك البشر في الشركة التي بين الآب والابن في روح محبتها.
851- سبب الرسالة. من محبة الله لجميع البشر استخرجت الكنيسة أبداً واجب الاندفاع الإرسالي وقوته: “لأن محبة المسيح تحثنا( “2 كو 5، 14). و”الله يريد أن جميع الناس يخلصون ويبلغون إلى معرفة الحق( “1 تي 2، 4) الله يريد خلاص الجميع بمعرفة الحق؛ فالخلاص في الحق .
فالذين ينقادون لدافع روح الحق هم في طريق الخلاص؛ ولكن الكنيسة التي أودعت هذا الحق يجب عليها أن تلاقي رغباتهم لكي تقدم لهم هذا الحق. وغذ كانت تؤمن بقصد الخلاص الشامل فمن واجبها أن تكون رسولة.
852- طرق الرسالة. “الروح القدس هو محرك الرسالة الكنيسة كلها” إنه هو الذي يقود الكنيسة على دروب الرسالة. وهذه الرسالة “تواصل وتكمل عبر التاريخ رسالة المسيح نفسه، الذي أرسل ليحمل البشرى إلى المساكين. فعلى هذه الطريق نفسها التي سلكها المسيح نفسه، ويدفع من روح المسيح ،يجب على الكنيسة أن تسير، أي على طريق الفقر والطاعة، وبذل الذات إلى حد الموت الذي خرج منه بقيامته منتص اًر” وهكذا “فدم الشهداء زرعه مسيحيين”.
853- ولكن الكنيسة في مسيرتها تختبر “المسافة بين الرسالة التي تكشف عنها والضعف البشري عند من اؤتمنوا على هذا الإنجيل. فبالسير على طريق” التوبة والتجدد وحده، ومن “باب الصليب الضيق”، يستطيع شعب الله بسط ملكوت المسيح.”ولما كان المسيح قد تمم عمله تشرك الناس في ثمار الخلاص.”
854- والكنيسة في ذات رسالتها “تسير مع البشرية كلها، وتنال قسطها من مصير العالم الأرضي؛ وهي بمثابة خميرة، وكروح للمجتمع البشري الذي يجب أن يتجدد في المسيح ويتحول إلى أسرة الله “وهكذا فالعمل الرسولي يقتضي الصبر. إنه يبدأ بنقل الإنجيل إلى الشعوب والجماعات التي لا تزال غير مؤمنة بالمسيح؛ وهو يواصل طريقه بإقامة جماعات مسيحية تكون “علامات حضور الله في العالم”، وبإنشاء كنائس محلية؛ وهو يقتضي أسلوب انثقاف لتجسيد الإنجيل في ثقافات الشعوب؛وقد لا تخلو طريقه من الفشل. “فالكنيسة، وفى ما يتعلق بالناس والجماعات والشعوب، لا تغزوها وتخترق صفوفها إلا شيئاً فشيئاً، وهكذا تلقى بها في ملء الكثلكة”.
855- رسالة الكنيسة تستدعى السعي لوحدة المسيحيين. “فالانقسامات بين المسيحيين تمنع الكنيسة من تحقيق ملء الكثلكة الخاصة بها في بينها الذين أصبحوا أبناءها بالمعمودية، ولكنهم منفصلون عن شركتها الكاملة. أضف إلى ذلك أنه يصير من الأصعب على الكنيسة نفسها أن تعبر تعبيرا استيعابياً عن ملء كثلكتها في واقع حياتها”.
856- المهمة الإرسالية تقتضي حواراً يحترم أولئك الذين لم يتقبلوا بعد الإنجيل. ويستطيع المؤمنون أن يفيدوا من هذا الحوار نفعا لأنفسهم، عندما يطلعون إطلاعا أوسع على “كل ما لدى تلك الأمم من حقيقة ونعمة كما لو كان ذلك بحضور خفي لله” ولئن بشروا بإنجيل من يجهله، فما ذلك إلا لتقوية وإكمال ورفع الحقيقة والصلاح اللذين أفاضهما الله على البشر والشعوب وتطهيرهم من الضلال والشر “لمجد الله، وخزي الشيطان، وسعادة الإنسان”.
4- الكنيسة رسولية
857- الكنيسة رسولية لأنها مؤسسة على الرسل وذلك بمعاني ثلاثة:
ـ لقد بنيت ولا تزال مبينة على “أساس الرسل” (أف 2، 20)، وهم شهود مختارون ومرسلون من قبل المسيح نفسه؛
ـ وهي تحفظ وتنقل، بمساعدة الروح الساكن فيها، التعليم، الوديعة الخيرة، الأقوال السليمة التي سمعتها من الرسل؛
ـ وهي لا تزال يعلمها الرسل ويقدسونها ويسوسونها إلى عودة المسيح بفضل من يخلفونهم في مهمتهم الرعوية: هيئة الأساقفة، “يساعدهم الكهنة ،بالاتحاد مع خليفة بطرس، أرعى الكنيسة الأعلى:”
“أيها الآب الأزلي، إنك لا تهمل قطيعك، بل تحافظ عليه برسلك الطوباويين في ظل حمايتك الدائمة، إنك تسوسه أيضا بهؤلاء الرعاة أنفسهم الذين يواصلون اليوم عمل ابنك”.
رسالة الرسل
858- يسوع هو رسول الآب، ومنذ بدء رسالته “دعا الذين أرادهم فأقبلوا إليه وعين منهم أثنى عشر ليكونوا معه ولكي يرسلهم للكرازة” (مر 3، 13- 14) وقد أصبحوا من ذلك الحين “رسله “وهذا معنى اللفظة اليونانية وبهم تتابع رسالته الخاصة: “كما أرسلني كذلك أنا أرسلكم” (يو 20، 21). وهكذا فعلمهم متابعة لرسالته الخاصة: “من قبلكم فقد قبلني”، هكذا قال للاثني عشر (متى.40 ،10).
859- لقد ضمهم يسوع إلى الرسالة التي قبلها من أبيه: فكما “أن الابن لا يستطيع أن يفعل شيئا من ذاته” (يو 5، 19. 30)، بل يقبل كل شيء من الآب الذي أرسله، كذلك أولئك الذين يرسلهم يسوع لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا بدونه، هو الذي ينالون منه تفويض الرسالة وسلطان القيام بها.
فرسل المسيح يعلمون أن الله أقامهم “خدمة عهد جديد” (2 كو 3، 6)، “خدمة الله( “2 كو 6، 4)، “سفراء المسيح (“2 كو 5، 20)، “خدام المسيح ووكلاء أسرار الله(“1 كو 4، 1).
860- في مهمة الرسل ناحية لا يمكن أن تكون في غيرهم: وهي أنهم الشهود المختارون لقيامة الرب وأركان الكنيسة. ولكن هنالك وجها لمهمتم ثابتا فقد وعدهم المسيح بأن يبقى معهم إلى منتهى الدهر. “إن هذه المهمة الإلهية التي أناطها المسيح بالرسل يجب أن تستمر حتى منتهى العالم ، بما أن الإنجيل الذي يجب أن يسلموه هو للكنيسة، في كل زمان، مبدأ الحياة كلها. لذلك اهتم الرسل بأن يقيموا لهم.”(…)
الأساقفة خلفاء الرسل
861- “لكي تظل الرسالة التي أؤتمن عليها الرسل مستمرة بعد موتهم سلموا إلى معاونيهم الأدنين ،تسليم وصية، مهمة إنجاز العمل الذي بدأوه وترسيخه، وأوصوهم بالسهر على القطيع الذي أقامهم فيه الروح القدس ليرعوا كنيسة الله. فأقاموا هؤلاء الرجال، ورسموا لهم للمستقبل أن يتسلم زمام خدمتهم بعد مماتهم رجال آخرون مختبرون”.
862- “كما أن المهمة التي أناطها الرب ببطرس، أول الرسل، منفرداً، ويجب أن تنتقل على خلفائه، تدوم باستمرار، كذلك أيضا مهمة رعاية الكنيسة التي تسلمها الرسل والتي يجب أن تزاولها هيئة الأساقفة المقدسة، تدوم باستمرار”. فلذلك تعلم الكنيسة “أن الأساقفة يخلفون الرسل، بوضع إلهي. على رعاية الكنيسة، فمن سمع منهم سمع من المسيح، ومن احتقرهم احتقر المسيح والذي أرسل المسيح.”
الرسالة
863- الكنيسة رسولية كلها من حيث إنها تظل، من خلال خلفاء بطرس والرسل في شركة إيمان وحياة مع مصدرها. والكنيسة رسولية كلها من حيث إنها “مرسلة” في العالم كله؛ وجميع أعضاء الكنيسة مشتركون في هذه الرسالة، وإن وجوه مختلفة. “والدعوة المسيحية هي أيضا بطبيعتها دعوةعلى الرسالة”. ويسمون “رسالة” كل نشاط للجسد السري” يسعى إلى “بسط ملك على كل الأرض.”
864- “وبما أن المسيح الذي أرسله الآب هو ينبوع ومصدر كل إرسالية الكنيسة فمن الثابت أن خصب الرسالة”، سواء كانت للخدمة المرسومين أو للعلمانيين، “تتعلق باتحادهم الحيوي بالمسيح”. والرسالة تتخذ أشكالاً مختلفة وفقاً للدعوات ومقتضيات الزمن ومواهب الروح القدس المتنوعة. إلا أن المحبة، المستقاة بنوع خاص من الإفخارستيا، “هي بمثابة الروح لكل رسالة.”
865- الكنيسة واحدة، مقدسة، كاثوليكية، رسولية في جوهرها العميق والأخير، إذ منها يوجد الآن وسيتم في آخر الأزمان “ملكوت السماوات”، “ملك الله”، الذي أتى في شخص المسيح والذي ينمو سرياً في قلب من انضموا عليه، إلى يوم ظهوره المعادي الكامل. عند ذلك يجتمع جميع البشر الذين افتداهم، وصاروا به ” مقدسين وأطها اًر أمام الله في المحبة “، على أنهم شعب الله الوحيد، “عروس الحمل”، “المدينة المقدسة النازلة من السماء، من عند الله، ولها مجد الله”؛ “ولسور المدينة اثنا عشر أساسا فيها أسماء رسل الحمل الاثني عشر” (رؤ 21، 14).
بإيجاز:
866- الكنيسة واحدة: لها رب واحد، وتعترف بإيمان واحد، وتولد بمعمودية واحدة، ولا تكون إلا جسدا واحداً، يحييه روح واحد، لأجل رجاء وحيد، ينتهي بالتغلب على جميع الانقسامات.
867- الكنيسة مقدسة: الله القدوس منشئها؛ والمسيح، عروسها ،أسلم ذاته من أجلها لكي يقدسها؛ وروح القداسة يحييها. إن احتوت خطأة فهي “اللاخاطئة المكونة من خطأة” تتألق قداستها؛ وبمريم هي منذ الآن كلية مقدسة.
868- الكنيسة كاثوليكية: إنها تبشير بكامل الإيمان؛ وتحمل فيها وتمنح ملء وسائل الخلاص؛ وهي مرسلة على جميع الشعب؛ وتخاطب جميع البشر؛ وتشمل جميع الأزمان؛ وهي في ذات طبيعتها مرسلة.”
869- الكنيسة رسولية: إنها مبنية على أسس ثابتة “رسل الحمل الاثني الخلاص؛ وهي مرسلة إلى جميع الشعوب؛ وتخاطب جميع البشر؛ وتشمل جميع الأزمان؛” وهي في ذات طبيعتها مرسلة”.
– الكنيسة رسولية: إنها مبنية على أسس ثابتة: “رسل الحمل الاثني عشر “؛ وهي لا تتزعزع؛ وهي قائمة في الحقيقة على عصمة: المسيح يسوسها ببطرس وسائر الرسل، الحاضرين في خلفائهم، البابا وهيئة الأساقفة.
870- “كنيسة المسيح الوحيدة، التي نعترف بها في قانون الإيمان بأنها واحدة، مقدسة، كاثوليكية، رسولية، )…( تستمر في الكنيسة الكاثوليكية، التي يسوسها خليفة بطرس والأساقفة الذين معه في الشركة، وإن تكن عناصر كثيرة للتقديس والحقيقة لا تازل قائمة خارج هيكلها.”
الفقرة 4 – مؤمنو المسيح
ذوو السلطة المقدسة والعلمانيون، والحياة المكرسة
871- “مؤمنو المسيح هم الذين، لكونهم انضموا إلى المسيح بالمعمودية، أصبحوا شعباً لله، والذين بسبب ذلك دعوا، وهم مشتركون على طريقتهم في وظيفة المسيح الكهنوتية والنبوية والملكية، دعوا إلى أن يمارسوا، كل واحد بحسب حاله الخاصة الرسالة التي أناطها الله بالكنيسة لكي تقوم بها في العالم.”
872- “بين جميع مؤمني المسيح، لواقع تجددهم في المسيح، توجد، بالنظر على المرتبة والعمل ،مساواة حقيقية يتعاونون جميعاً بمقتضاها، على بناء جسد المسيح، وذلك بحسب حالة كل واحد منهم ووظيفته الخاصة.”
873- التباينات نفسها التي أراد الرب أن يجعلها بين أعضاء جسده تفيد وحدته ورسالته، ذلك “إن في الكنيسة اختلافاً في الخدم، على وحدة في الرسالة. فالمسيح أناط برسله وخلفائهم مهمة التعليم، والتقديس، والسياسية باسمه وبسلطانه ولكن العلمانيين، الذين أصبحوا شركاء في مهمة المسيح الكهنوتية والنبوية والملكية، يتحملون، في الكنيسة وفى العالم، قسطهم في ما هو من رسالة شعب الله كله”. وأخيرا هنالك “مؤمنون يلتحقون بهذه الفئة أو تلك ذوي سلطة وعلمانيين، وقد تكرسوا لله باعتناقهم المشوارت الإنجيلية … فيسهمون، بطريقتهم الخاصة، في رسالة الكنيسة الخلاصية”.
1- هيكلية السلطة في الكنيسة لماذا الوظيفة في الكنيسة؟
874- المسيح هو نفسه أصل الوظيفة في الكنيسة. إنه أنشأها، وأعطاها السلطة والرسالة والتوجيه والهدف:
“إن المسيح الرب قد أنشأ في كنيسته، لكي يرعى شعب الله وينميه في غير انقطاع، خدماًمتنوعة تهدف إلى خير الجسم كله. فالرعاة، وقد قلدوا سلطاناً مقدساً، هم في خدمة إخوتهملكي يتمكن جميع المنتمين إلى شعب الله … أن ينالوا الخلاص.”
875- “كيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به؟ وكيف يسمعون بلا مبشر؟ وكيف يبشرون أن لم يرسلوا؟ “(رو 10، 14- 15). فما من إنسان ولا جماعة يستطيعون أن يبشروا أنفسهم بالإنجيل. “فالإيمان من السماع” (رو 10، 17). فما من أحد يستطيع أن يعطى نفسه التفويض والرسالة للتبشير بالإنجيل. المرسل من قبل الرب يتكلم ويعمل، لا بسلطانه الخاص، بل بقوة سلطان المسيح؛ لا كعضو في الجماعة، بل كمخاطب للجماعة باسم المسيح، لا أحد يستطيع أن يمنح نفسه النعمة ،فهي تعطى وتوهب. وذلك يقتضي خداماً للنعمة، سلطتهم وأهليتهم من المسيح. منه ينال الأساقفة والكهنة رسالة وقدرة السلطة المقدسة العمل في شخص المسيح الرأس، والشمامسة القوة ليخدموا شعب الله في خدمة دياكونية الليتورجيا وكلمة الله والمحبة، بالاشتراك مع الأسقف وكهنته. وهذه الخدمة، التي فيها يعمل رسل المسيح ويعطون، بموهبة من الله، ما لا يستطيعون أن يعملوا ويعطوا من ذات أنفسهم، يسميه تقليد الكنيسة “سراً”، فخدمة الكنيسة تعطى بسر خاص.
876- طابع خدمتها مرتبط ارتباطاً جوهرياً بالطبيعة الأس اررية للخدمة الكنسية وهكذا فالخدام المتعلقون كليا بالمسيح الذي يعطى الرسالة والسلطة، هم في الحقيقة “عبيد المسيح”، على صورة المسيح الذي اتخذ طوعاً لأجلنا “صورة عبد” (في 2، 7). فيما أن الكلمة والنعمة اللتين هم خدامها ،واللتين ليستا لهم، بل للمسيح الذي ائتمنهم عليهما لجل الآخرين، فسيكونون طوعاً عبيداً للجميع.
877- وإنه لمن طبيعة الخدمة الكنيسة الأسرارية أن تكون ذات طابع جماعي فالسيد المسيح منذ بدء عمله أقام الاثني عشر، “نواة إس ارئيل الجديد واصل السلطة الرئاسية المقدسة”. فقد انتخبوا معاص، ومعاً أرسلوا؛ ووحدتهم الأخوية ستكون في خدمة شركة جميع المؤمنين الأخوية؛ إنها ستكون بمثابة انعكاس وشهادة لوحدة الأقانيم الإلهية الثلاثة. ولهذا فكل أسقف يمارس خدمته الهيئة الأسقفية، في الشركة مع الإلهية الثلاثة. ولهذا فكل أسقف يمارس خدمته ضمن الهيئة الأسقفية ،في الشركة مع أسقف رومة، خليفة بطرس ورئيس الهيئة الأسقفية؛ والكهنة يمارسون خدمتهم ضمن مجموعة كهنة الأبرشية، تحت إدارة أسقفهم.
878- وأخيراً من طبيعة الخدمة الكنسية الأسرارية أن تكون ذات طابع شخصي. فإن عمل خدمة المسيح مشتركين فإنهم يعملون أيضا ودائما بطريقة شخصية. لقد دعى كل واحد شخصياً: “أنت اتبعني” (يو 21، 22) لكي تكون في الرسالة العامة، شاهدا شخصياً، متحملاً شخصياً المسؤولية أمام الذي يعطى الرسالة، وعاملاً ” في شخصه ” ولأجل أشخاص: “أعمدك باسم الآب…”؛ اغفر لك.”…
879- وهكذا فالخدمة الأس اررية في الكنيسة تمارس باسم المسيح، ولها طابع شخصي وشكل جماعي. وهذا يتحقق في العلاقات بين الهيئة الأسقفية ورئيسها، خليفة بطرس، وفى العلاقة بينمسؤولية الأسقف الراعوية بالنظر إلى كنيسته الخاصة والاهتمام العام للهيئة الأسقفية بالكنيسةالجامعة. الهيئة الأسقفية ورئيسها، البابا.
880- عندما أقام المسيح الاثني عشر، “جعلهم صحابة له، أي هيئة ثابتة، وأقام على أرسهم ومن بينهم بطرس”. “وكما أن القديس بطرس وسائر الرسل يؤلفون، بتدبير الرب بالذات، هيئة رسولية واحدة، كذلك أيضا، وعلى النحو نفسه يؤلف الحبر الروماني خليفة بطرس، والأساقفة خلفاء الرسل وحدة فيما بينهم.”
881- إن الرب جعل من سمعان وحده، الذي أعطاه اسم بطرس، صخرة كنيسته لقد سلمه مفاتحيها؛ وجعله ارعياً للقطيع كله. “بيد أن مهمة الحل والربط التي أعطيت لبطرس قد أعطيت أيضا، ولا شك، لهيئة الرسل متحدين برئيسهم”. ومهمة بطرس سائر الرسل ال ارعوية هذه في أسس الكنيسة؛ وهي تواصل على أيدي الأساقفة برئاسة البابا.
882- البابا، أسقف رومة وخليفة القديس بطرس، هو “المبدأ الدائم المنظور والأساس للوحدة التي تربط بين الأساقفة، وتربط بين جمهور المؤمنين”. “فإن الحبر الروماني، بحكم مهمته كنائب للمسيح وارع للكنيسة كلها، يملك في الكنيسة السلطان الكامل الأعلى والشامل، الذي يستطيع أن يمارسه بحرية على الدوام.”
883- “الهيئة الأسقفية أو الجسم الأسقفي، لا سلطان لها ما لم نتصورها متحدة بالحبر الروماني خليفة بطرس اتحادها ب أرسها.” وهي بهذه الصفة “تملك أيضا السلطان الأعلى والكامل على الكنيسة كلها، وإنما لا يمكنها أن ت ازوله إلا بموافقة الحبر الروماني.”
884- “هيئة الأساقفة تزاول السلطان على الكنيسة كلها وبصورة رسمية في المجمع المسكوني”.
“ولا يكون البتة مجمع مسكوني أن لم يثبته أو عل الأقل يقبله خليفة بطرس على أنه بهذه الصفة”.
885- “هذه الهيئة المؤلفة من كثيرين تعبر عن التنوع والشمول في شعب الله؛ وهي في تجمعها تحت رأس واحد تعبر عن الوحدة في قطيع المسيح.”
886- “وكل من الأساقفة مبدأ وحدة كنيسته الخاصة وأساسها”. وهم، والحالة هذه، “يزاولون سلطتهم الراعوية على الفئة من شعب الله التي ائتمنوا عليها”. يساعدهم كهنة وشمامسة إنجيليون. ولكن بما أنهم أعضاء في الهيئة الأسقفية، فلكل واحد منهم قسطه في رعاية جميع الكنائس، يقوم به أولاً “بحسن سياسة كنيسته الخاصة على أنها قسم من الكنيسة الجامعة”، فيسهم هكذا يمتد على وجه خاص إلى الفق ارء، وإلى المضطهدين من أجل الإيمان، كما يمتد على المرسلين الذي يعملون في شتى أنحاء الأرض.
887- الكنائس الخاصة المتجاورة والمتماثلة في الثقافة تؤلف أقاليم كنسية، أو مجمعات أوسع تسمى بطريركيات أو نواحي. فيستطيع أساقفة هذه المجمعات أن يجتمعوا في سينودسات أو في مجامع إقليمية. “وكذلك تستطيع المجالس الأسقفية اليوم أن تسهم بطرق متعددة ومثمرة في أن يتحقق الروح الجماعي بطريقة ملموسة.”
مهمة التعليم
888- الأساقفة والكهنة مساعدوهم “مهمتهم الأولى أن يبشروا جميع البشر بإنجيل الله”، كما أمر الرب. أنهم “رسل الإيمان الذين يجلبون للمسيح أتباعاً جدداً، وهم المعلمون الأصليون” للإيمان الرسولي “الذين قلدوا سلطة المسيح.”
889- لحفظ الكنيسة في صفاء الإيمان الذي نقله الرسل، أراد المسيح، الذي هو الحق، أن يمنح كنيسته اشتراكاً في عصمته الخاصة. “وبالمعنى الفائق الطبيعة للإيمان” يتمسك “شعب الله بالإيمان تمسكاً ثابتاً” بقيادة سلطة الكنيسة التعليمية الحية.
890- رسالة السلطة التعليمية مرتبطة بالطابع النهائي للعهد الذي عقده الله في المسيح مع شعبه؛ فهو من شأنه أن ينبذ بقية الانحرافات والعثرات، وأن يضمن له الإمكانية الواقعية للاعتراف بالإيمان الأصيل في غير ضلالة. وهكذا فمهمة السلطة التعليمية الراعوية موجهة على السهر على أن يظل شعب الله في الحق الذي يحرر. ولكي يقوم بهذه المهمة مهر المسيح الرعاة موهبة العصمة في ما هو من شأن الإيمان والآداب. وقد تتخذ ممارسة هذه الموهبة عدة أشكال.
891- “هذه العصمة يتمتع بها الحبر الروماني، رئيس هيئة الأساقفة، بحكم مهمته بالذات، عندما ،بصفة كونه ارعياً ومعلماً أعلى لجميع المؤمنين ومكلفاً تثبيت إخوته في الإيمان، يعلن، بتصميم مطلق، مادة عقائدية تتعلق بالإيمان والآداب .. والعصمة التي وعدت بها الكنيسة مستقرة أيضا في هيئة الأساقفة عندما تمارس سلطانها التعليمي الأعلى بالاتحاد مع خليفة بطرس” ولا سيما في مجمع مسكوني. فعندما تعرض الكنيسة، بواسطة سلطتها التعليمية العليا، شيئاً، “للإيمان به على أنه موحى به من عند الكنيسة، بواسطة سلطتها التعليمية العليا ،شيئاً “للإيمان به على انه موحى به من عند الله” وعلى أنه من تعليم المسيح، “يجب قبول مثل هذه التحديدات بطاعة الإيمان .”وهذه العصمة “تمتد بامتداد وديعة الوحي الإلهي نفسها.”
892- العون الإلهي يرافق أيضا خلفاء الرسل عندما يعملون في شركة خليفة بطرس، ويرافق بنوع خاص أسقف رومة، ارعى الكنيسة جمعاء، عندما، من غير أن يصلوا إلى تحديد معصوم ومنغير أن يتفوهوا “بطريقة نهائية”، يقدمون، في ممارسة السلطة التعليمية العادية، تعليماً يقود إلىفهم أفضل للوحي في موضعي الإيمان والآداب وعلى المؤمنين أن يولوا هذا التعليم العادي “من ذهنهم القبول في شعور ديني”، وهو ،وغن تميز من قبول الإيمان، فإنه مع ذلك امتداد له.
مهمة التقديس
893- إن الأسقف يحمل أيضا “مسؤولية توزيع نعمة الكهنوت الأعلى” وخصوصاً في الافخارستيا التي يقدمها بنفسه أو يعمل على أن يقدمها الكهنة معاونوه؛ إذ إن الافخارستيا مركز حياة الكنيسة الخاصة. والأسقف والكهنة يقدسون الكنيسة بصلاتهم وعملهم، بخدمة الكلمة والأسرار ويقدسونها بمثلهم، “لا كمن يتسلط على ميراث الله بل كمن يكون مثالا للرعية” (1 بط 5، 3) وهكذا ” يبلغون بقطيعهم الذي ائتمنوا عليه إلى كمن يكون مثالاً للرعية” (1 بط 5، 3) وهكذا “يبلغون بقطيعهم ائتمنوا عليه إلى الحياة الأبدية.”
مهمة السياسية والحكم
894- “الأساقفة يسوسون الكنائس الخاصة كنواب ومنتدبين للمسيح، فإنهم يتدبرون أمرها بإرشاداتهم وتشجيعاتهم ومثلهم، ولكن بسلطتهم أيضا، وبمزاولة سلطانهم المقدس، الذي يجب أن يزاولوه للبنيان، بروح الخدمة الذي هو روح معلمهم.”
895- “وهذا السلطان الذي يمارسونه شخصياً باسم المسيح هو سلطان خاص، عادى، مباشر، إلا أنه خاضع في ممارسته للتنظيم الأخير الذي نظمته السلطة الكنسية العليا”. ولكن يجب أن لا يعد الأساقفة نواباً للبابا ذي السلطة العادية والمباشرة على الكنيسة كلها بإش ارف البابا.
896- ليكن الراعي الصالح مثال مهمة الأسقف الراعوية و “صورتها” وإذ يكون الأسقف واعيا لضعفه، “يكون حليماً تجاه أهل الجهل والضالين، ولا يستنكفن من الإصغاء على مرؤوسيه، محوط اً إياهم كأبناء حقيقيين … أما المؤمنون فعليهم أن يتعلقوا بأسقفهم تعلق الكنيسة بيسوع المسيح وتعلق يسوع المسيح بابيه.”
“اتبعوا الأسقف جميعكم كما يتبع المسيح الآب، والكهنة كالرسل؛ أما الشمامسة الإنجيليون فاحترموهم كشريعة الله. ولا يعملن أحد شيئا مما هو من شان الكنيسة بمعزل عن الأسقف.”
2- المؤمنون العلمانيون
897- “يفهم هنا بمن يسمون علمانيين مجموع المسيحيين الذين ليسوا أعضاء في الدرجات المقدسة، ولا في الحالة الرهبانية التي أقرنها الكنيسة، أي المسيحيين الذين إذ انضموا إلى جسد المسيح بالمعمودية، واندمجوا في شعب الله، وجعلوا شركاء، على طريقتهم، في وظيفة المسيح الكهنوتية والنبوية والملوكية، يمارسون، كل بما عليه، في الكنيسة وفى العالم، الرسالة التي هي رسالة الشعب المسيحي بأجمعه.”
دعوة العلمانيين
898- “دعوة العلمانيين الخاصة هي أن يطلبوا ملكوت الله من خلال إدارة الشؤون الزمنية التي ينظمونها بحسب الله .. ومنوط بهم بوجه خاص أن ينيروا ويوجهوا جميع الحقائق الزمنية التي يرتبطون بها ارتباطاً وثيقاً بحيث تتم وتنمو في إطار بحسب المسيح، وتكون لمجد الخالق والفادي”.
899- مبادرة المسيحيين العلمانيين ضرورية بوجه خاص عند محاولة اكتشاف الوسائل وابتكارها لتطعيم الحقائق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بمقتضيات العقيدة والحياة المسيحيين هذه المبادرة عنصر طبيعي من عناصر حياة الكنيسة: المؤمنون العلمانيون هم في المقدمة القصوى من حياة الكنيسة والكنيسة هي بهم مبدأ الحياة في المجتمع ولهذا عليهم بوجه خاص أن يعوا دائما وعيا أكثر وضوحا لا أنهم للكنيسة وحسب بل أنهم الكنيسة أي مجموعة المؤمنين على الأرض بإشراف الرئيس العام البابا والأساقفة الذين هم في الشركة معه أنهم الكنيسة.
900- إذ كان العلمانيون كسائر المؤمنين قد ألقى إليهم الله مهمة التبشير بفعل المعمودية والتثبيت فمن واجبهم وحقهم سواء كانوا منفردين أو مجتمعين في جمعيات أن يعملوا على أن تكون رسالة الخلاص الإلهية معروفة ومقبولة لدى جميع البشر وفي كل الأرض وهذا الواجب يصبح أكثر إلزاما عندما لا يستطيع البشر أن يسمعوا الإنجيل ويعرفوا المسيح إلا بهم في الجماعات الكنسية يكون عملهم ضروريا إلى حد أنه بدونه يمتنع على رسالة الرعاة في أكثر الأحيان أن تبلغ فعاليتها.
إسهام العلمانيين في مهمة المسيح الكهنوتية
901- ينال العلمانيون بفعل تكريسهم للمسيح ومسحة الروح القدس الدعوة العجيبة والوسائل التيتتيح للروح القدس أن يثمر متزايدة على الدوام ذلك بان جميع نشاطاتهم وصلواتهم ومشاريعهم الرسولية وحياتهم الزواجية والعائلية وأعمالهم اليومية وتسلياتهم العقلية والجسدية إذا هم عاشوها بروح الله بل حتى محن الحياة إذا تحملوها بطول أناة كل هذا يستحيل قرابين روحية مرضية لله بيسوع المسيح(1 بط 2، 5) وهذه القرابين تنضم في إقامة الافخارستيا إلى قربان جسد الرب لترفع بكل تقوى إلى الآب على هذا النحو يكرس العلمانيون لله العالم بالذات مؤدين لله في كل مكان بقداسة سيرتهم فعل عبادة.
902- الأهل بوجه خاص يشتركون في مهمة التقديس “عندما يسلكون في حياتهم الزوجية وفق الروح المسيحي ويوفرون لأبنائهم تربية مسيحية”.
903- من الممكن أن يقبل العلمانيون، إذا تمتعوا بالصفات المطلوبة، في درجة القراء وخدام المذبح. “حيث تقضى حاجة الكنيسة بالاستعانة بالعلمانيين، وذلك عند نقص الخدام المرسومين ،يستطيع العلمانيون أيضا، وان لم يكونوا قراء ولا خدام المذبح، أن يقوموا ببعض أعمالهم، أي بممارسة خدمة الكلمة، وترؤس الصلوات الطقسية، ومنح المعمودية وتوزيع القربان المقدس، وفقا لنظام الحق القانوني.”
إسهام العلمانيين في مهمة المسيح النبوية
904- “المسيح.. يقوم بمهمته النبوية ليس بواسطة السلطة الكنسية وحسب… بل بواسطة العلمانيين أيضا الذين يجعلهم، من أجل ذلك نفسه، شهوداً بما يوليهم من حاسة الإيمان ونعمة الكلمة:”
“تعليم أحد الناس لحمله على الإيمان أنما هو مهمة كل واعظ بل كل مؤمن.”
905- العلمانيون يقومون بمهمتهم النبوية أيضا بالتبشير ” أي الدعوة بالمسيح بشهادة السيرة والكلمة”. و”هذا العمل التبشيري، عند العلمانيين، يتسم بطابع مميز وفعالية خاصة، بكونه يتمم في أوضاع العالم المألوفة.”
“هذه الدعوة لا تقوم بشهادة السيرة وحدها: فالرسول الحقيقي يقتنص الظروف لكي يبشر بالمسيح غير المؤمنين بكلمة الك ارزة.”
906- يستطيع المؤمنون العلمانيون، إذا كانوا من ذوي الأهلية والعلم الديني، أن يسهموا في التنشئة التعليمية الدينية. وفى تعليم العلوم المقدسة، وفى تعاطي وسائل الاتصال الاجتماعي.
907- “بحسب ما يقتضيهم الواجب وما يمتعون به من علم ومقام، يحق لهم بل يجب عليهم
أحيانا أن يدلوا برأيهم لرعاة الكنيسة في ما يتعلق بخير الكنيسة، وان يطلعوا عليه سائر المؤمنين ،ومع الحفاظ على سلامة الإيمان والآداب، والاحترام الواجب للرعاة، ومراعاة الفائدة العامة، وكرامة الأشخاص.”
إسهام العلمانيين في مهمة المسيح الملكية
908- أن المسيح، بطاعته حتى الموت، آتى تلاميذه موهبة الحرية الملكية “لكي ينتزعوا بكفرهم بأنفسهم وقداسة حياتهم، سلطان الخطيئة فيهم.”
“إن الذي يخضع جسده ويحكم نفسه، بدون أن يغرق في الأهواء، هو سلطان نفسه: يمكن أن يدعى ملكاً لأنه قادر أن يضبط ذاته؛ أنه حر ومستقل ولا تقيده عبودية أثيمة”.
909- “على العلمانيين أن يستجمعوا قواهم ليدخلوا على المؤسسات، وعلى أوضاع الحياة في العالم عندما ستهوى إلى الخطيئة، التطهيرات الملائمة، لكي تتجاوب كلها مع سنن البر، وتساعد على ممارسة الفضائل بدلاً من أن تكون عقبة في طريقها. فبعملهم هذا يشيعون القيم الروحية في الثقافة والأعمال البشرية.”
910- “ومن الممكن أيضا أن يشعر العلمانيون أنهم مدعوون أو أن يكونوا مدعوين إلى الإسهام مع الرعاة في خدمة الشركة الكنسية، من أجل نموها وحياتها، مزاولين خدما مختلفة وفقاً للنعمة والمواهب التي يشاء الرب أن يجعلها فيهم.”
911- في الكنيسة “يستطيع المؤمنون أن يسهموا، وفقاً للشرع، في ممارسة سلطة الحكم”. وذلك بحضورهم في المجالس الخاصة، وسينودسات الأبرشية، والمجالس الراعوية. وفى ممارسة المهمة الراعوية في رعية ما؛ والاشتراك في مجالس الأمور الاقتصادية؛ والاشتراك في المحاكم الكنسية ،إلخ.
912- “وعلى المؤمنين أن يميزوا بدقة بين ما عليهم من واجبات وما لهم من حقوق كأعضاء للكنيسة، وكأعضاء في المجتمع الإنساني، ويجتهدوا أن يوفقوا بين هذه وتلك بتناغم، ذاكرين أن الضمير المسيحي هو دليلهم في جميع الميادين الزمنية لأنه ما من نشاط إنساني، وان زمنيا، يمكن عزله من سلطان الله.”
913- “وهكذا فكل علماني هو، بما أوتي من المواهب، شاهد وأداة حية معاً لرسالة الكنيسة بالذات” على مقدار موهبة المسيح ” (أف 4، 7)”.
3- الحياة المكرسة
914- “حالة الحياة القائمة على المشوارت الإنجيلية، وان لم تتعلق بهيكلية السلطة الكنسية، فإنها مع ذلك تتصل اتصالاً ثابتاً بحياة الكنيسة وقداستها”.
المشورات الإنجيلية والحياة المكرسة
915- المشورات الإنجيلية، في تعددها، معروضة على كل واحد من تلاميذ المسيح فكمال المحبة الذي دعي إليه جميع المؤمنين يتضمن، بالنسبة على الذين لبوا الدعوة برضاهم إلى الحياة المكرسة ،واجب التقيد بالعفة في حياة العزوبة لأجل ملكوت الله، والفقر والطاعة. فنذر هذه المشوارت، في حالة حياة ثابتة تعترف بها الكنيسة، يميز “الحياة المكرسة” لله.
916- تظهر من ثم حالة الحياة المكرسة كإحدى الطرائق للوصول إلى تكرس “أشد عمقاً يتأصل في المعمودية ويكرس تكريساً كاملاً لله. وفى الحياة المكرسة ينوى المؤمنون بالمسيح، بدافع من الروح القدس، أن يتبعوا المسيح عن قرب، وأن يهبوا الله أنفسهم على أنه المحبوب فوق كل شيء، وأن يكونوا، في إتباعهم كمال المحبة في خدمة الملكوت، أصوات الكنيسة المبشرة بمجد العالم الآتي.”
شجرة عظيمة، وأغصان كثيرة
917- “كمثل شجرة تتفرع أغصانها تفرعا عجيباً، متكاثراً في حقل الرب، ابتداء من نواة زرعها الله، ولدت ونمت صيغ شتى للحياة التوحيدية أو المشتركة، أسر مختلفة رأس مالها الروحي يعود بالفائدة، في آن واحد، على أعضاء هذه الجماعات وعلى جسد المسيح كله.”
918- “منذ فجر الكنيسة ظهر رجال ونساء أ اردوا، بممارسة المشوارت الإنجيلية، أن يتبعوا المسيح بوجه أكثر حرية، وأن يقتدوا به بوجه أشد أمانة، وان يسلكوا في حياتهم، كل على طريقته، طريق حياة مكرسة لله. وكثيرون منهم، بدافع من الروح القدس، عاشوا متوحدين، أو أنشأوا أسراراً رهبانية تقبلها الكنيسة بكل رضى وثبتها بسلطتها.”
919- ليحاول الأساقفة دائما تمييز المواهب الجديدة لحياة مكرسة يهبها الروح القدس للكنيسة؛ وللكرسي الرسولي وحده أن يوافق على صيغ جديدة من الحياة المكرسة.
الحياة النسكية
920- بدون أن ينذر النساك دائماً نذور المشورات الإنجيلية الثلاثة “يكرسون حياتهم لتسبيح اللهوخلاص العالم، في انعزال عن العالم أشد، وفي صمت العزلة، وفى الصلاة المتواصلة والتوبة.”
921- إنهم يظهرون لكل إنسان هذا الوجه الداخلي من سر الكنيسة القائم على الألفة الشخصية مع المسيح. وحياة الناسك الخفية عن نظر البشر هي كرازة صامته بالذي كرس له حياته، والذي هو كل شيء بالنسبة إليه. إنها دعوة خاصة إلى أن يجد الإنسان في الصحراء، بالجهاد الروحي نفسه، مجد المصلوب.
العذارى والأرامل المكرسات
922- منذ عهد الرسل، دعا الرب عذارى وأرامل مسيحيات إلى التعلق به تعلقا كاملا فقررن في حرية قلب وجسد وروح وافقت عليها الكنيسة أن يعشن في حال البتولية أو العفة الدائمة لأجل ملكوت السماوات (متى 19، 12).
923- هنالك عذارى عبرن عن رغبتهن المقدسة في إتباع المسيح على وجه أشد قربا فكرسهن أسقف الأبرشية بحسب الطقس الليتورجي المقرر واقترن بهن المسيح ابن الله سريا ونذرن أنفسهن لخدمة الكنيسة بهذا الطقس الاحتفالي تكريس العذارى تصبح العذراء شخصا مكرسا وفي هذا العلامة العليا لمحبة الكنيسة للمسيح والصورة المعادية لعروس السماء هذه وللحياة المستقبلية.
924- درجة العذارى القريبة من سائر صور الحياة المكرسة تثبت المرأة العائشة في العالم أو المحصنة في الصلاة والتوبة وخدمة الآخرين والعمل الرسولي بحسب حال كل واحدة والمواهب المعطاة لها والعذارى المكرسات يستطعن أن يعشن في جمعيات ليحافظن على قصدهن على وجه أشد أمانة.
الحياة الرهبانية
925- إذ ظهرت الحياة الرهبانية في الشرق في عصور المسيحية الأولى ومورست في المؤسسات التي أنشأتها الكنيسة قانونيا فهي تمتاز عن سائر صور الحياة المكرسة بمظهر العبادة ونذر المشورات الإنجيلية العلني والحياة الأخوية التي تحيا جماعيا والشهادة على اتحاد المسيح والكنيسة.
926- الحياة الرهبانية تتعلق بسر الكنيسة أنها هبة تنالها الكنيسة من سيدها وتقدمها كحال ثابتة للمؤمن الذي يدعوه الله في نذر المشورات الإنجيلية وهكذا تستطيع الكنيسة أن تظهر المسيح وأن تظهر نفسها عروسا للمخلص الحياة الرهبانية مدعوة إلى التعبير بصورها المختلفة عن محبة الله بالذات بلغة زماننا.
927- جميع الرهبان سواء كانوا معصومين أو غير معصومين يعدون في جملة مساعدي الأسقف الأبرشي في مهمته الراعوية وإنشاء الكنيسة ونموها الرسولي يقتضيان وجود الحياة الرهبانية في شتي صورها منذ بداية التبشير والتاريخ يشهد على أفضال الأسر الرهبانية في نشر الإيمان وفي إنشاء كنائس جديدة وذلك منذ قيام المؤسسات النسكية القديمة والجمعيات المتوسطة إلى الرهبانيات الحديثة.
المؤسسات العلمانية
928- المؤسسة العلمانية مؤسسة حياة مكرسة لمؤمنين يعيشون في العالم ويطلبون كمال المحبة ويسعون إلى الإسهام خصوصا من الداخل في تقديس العالم.
929- بحياة مكرسة تكريسا كاملا وكليا لهذا التقديس يشترك أعضاء هذه المؤسسات في عمل الكنيسة التبشيري في العالم وابتداء من العالم حيث يعمل حضورهم عمل الخمير وشهادة حياتهم المسيحية تهدف إلى تنظيم الحقائق الزمنية في خط الله واخت ارق العالم بقوة الإنجيل أنهم يتقيدون بربط مقدسة بالمشورات الإنجيلية ويحافظون في ما بينهم على الشركة والأخوة المتعلقين بطريقة حياتهم العلمانية.
جمعيات الحياة الرسولية
930- إلى جانب صيغ الحياة المكرسة المختلفة تقوم جمعيات الحياة الرسولية التي يسعي أعضائها بدون النذور الرهبانية وراء الهدف الرسولي الذي تختص به جميعهم ويجدون وهم يعيشون عيشة أخوية مشتركة ووفق طريقة حياتهم الخاصة في سبيل كمال المحبة بالتقيد بقوانينهم ويوجد بين هذه الجمعيات جمعيات يسير أعضاؤها على طريق المشورات الإنجيلية وفقا لقوانينهم
تكريس ورسالة: التبشير بالملك الآتي
931- أن الذي نذر لله بالمعمودية واستسلم له على انه المحبوب فوق كل شيء يصبح مكرسا تكريسا عميقا للخدمة الإلهية ومعدا من اجل صالح الكنيسة بحالة التكريس لله تعلن الكنيسة المسيح وتظهر كيف يعمل الروح القدس فيها على وجه عجيب فللذين ينذرون المشورات الإنجيلية أولا أن يعيشوا تكريسهم ولكن بما أنهم نذروا أنفسهم لخدمة الكنيسة من جراء تكريسهم نفسه فمن واجبهم أن يهتموا اهتماما خاصا بالعمل الإرسالي وفقا لنظام مؤسستهم الخاص.
932- في الكنيسة التي هي كالسّر، أي علامة حياة الله وأداتها، تظهر الحياة المكرّسة كعلامة خاصّة لسرّ الفداء. إتباع المسيح والتمثُّل به “على وجه أقرب”، وإظهار التلاشي “إظهاراً أوضح”، هكذا يكون الإنسان المكرّس حاضراً “حضوراً أعمق”، في قلب المسيح، لمُعاصريه، إذ إنَّ الذين يسلكون هذه “الطريق الضيقة” يحثون إخوانهم بمثلهم، ويُقدّمون هذه الشهادة النيّرة على “أنَّ العالم لا يمكنه أن يتجلى وُيقدّم لله بدون روح التطويبات”.
933- سواء كانت هذه الشهادة علنية كما هي الحال في الحياة الرهبانية أو أكثر تخفيا أو حتى سرية فإن مجيء المسيح يبقى لجميع المكرسين مصدر حياتهم ومشرقها كما أنه ليس لشعب الله ههنا مدينة باقية }فهذه الحال{ تظهر لجميع المؤمنين منذ هذا العصر حضور الخيور السماوية وهي تشهد على الحياة الجديدة والأبدية المقتناة بفداء المسيح وتعلن القيامة الآتية والمجد السماوي.
بإيجاز:
934- بتأسيس إلهي يوجد في الكنيسة بين المؤمنين خدمة مكرسون يسمون أيضا شرعا اكليريكيين فيما الباقون علمانيين وهنالك أخيار مؤمنون ينتمون إلى هذه أو تلك الفئة وقد تكرسوا لله بنذر المشورات الإنجيلية وهم يخدمون هكذا رسالة الكنيسة.
935- إن المسيح لنشر الإيمان ولبسط ملكه يبعث رسله وخلفاءهم إنه يشركهم في رسالته ومنه ينالون سلطان العمل بشخصه.
936- الرب جعل من القديس بطرس أساس كنيسته المنظور وقد سلمه مفاتيحها أسقف كنيسة رومه خليفة بطرس هو رأس هيئة الأساقفة ونائب المسيح وراعي الكنيسة جمعاء على هذه الأرض.
937- البابا يتمتع بتأسيس إلهي بالسلطة العليا والكاملة والمباشرة والشاملة لخدمة النفوس.
938- الأساقفة الذين أقامهم الروح القدس يخلفون الرسل أنهم وكل واحد على حدته في كنائسهم الخاصة مبدأ الوحدة المنظور وأساسها.
939- الأساقفة بمساعدة معاونيهم الكهنة والشمامسة الإنجيليين مهمتهم أن يعلموا العقيدة تعليما أصيلا وأن يحتفلوا بالطقس الإلهي ولا سيما الافخارستيا وأن يسوسوا كنيستهم كرعاة حقيقيين ويدخل في مهمتهم أيضا هم جميع الكنائس مع البابا وتحت سلطانه.
940- إذ كان من شان العلمانيين أن يعيشوا في العالم وفي ما بين الأمور الدنيوية فقد دعاهم الله إلى أن يمارسوا رسالتهم في العالم كالخمير وذلك بفضل قوة روحهم المسيحية.
941- العلمانيون يشتركون في كهنوت المسيح وعندما يزدادون اتحادا به ينشرون نعمة الميلاد والتثبيت في جميع أبعاد الحياة الشخصية والعائلية والاجتماعية والكنسية ويحققون هكذا الدعوة إلى القداسة الموجهة إلى جميع المعتمدين.
942- والعلمانيون من جراء رسالتهم النبوية مدعوون أيضا إلى أن يكونوا في كل حال وفي قلب الأسرة البشرية نفسه شهود المسيح.
943- والعلمانيون من جارء رسالتهم الملكية هم قادرون على انتازع سلطان الخطيئة من نفوسهم ومن العالم بتقشفهم وقداسة حياتهم.
944- الحياة المكرسة لله تمتاز بنذر المشورات الإنجيلية العلني الفقر والعفة والطاعة في حال حياة ثابتة اعترفت بها الكنيسة.
945- أن الذي نذر لله بالمعمودية واستسلم له على انه المحبوب فوق كل شيء يصبح في حال الحياة المكرسة على وجه للخدمة الإلهية ومعدا للعمل من أجل صالح الكنيسة جمعاء.
الفقرة 5 – شركة القديسين
946- بعد الإعترف “بالكنيسة المقدّسة الكاثوليكيّة “يضيف قانون الرّسُل “شركة القديسين”. هذا البند هو على وجهٍ ما، إيضاح للسابق: “أفليست الكنيسة سوى مجموعة جميع القدّيسن؟” وشركة القديسين هي الكنيسة.
947- بما أن جميع المؤمنين جسد واحد فما للبعض من خير يشرك فيه البعض الآخر ومن يجب الاعتقاد بأن في الكنيسة شركة خيور ولكن العضو الأهم هو المسيح لكونه ال رأس وهكذا فخير المسيح يمتد إلى جميع الأعضاء وهذه المشاركة تتم بأسرار الكنيسة وبما أن هذه الكنيسة يسوسها روح قدس واحد فجميع الخيور التي نالتها تصبح بالضرورة ملكا عاما.
948- للتعبير شركة القديسين من ثم مدلولان شديدا الترابط شركة في الأشياء المقدسة المقدسات وشركة بين الأشخاص القديسين (القديسون) المقدسات للقديسين هذا ما يعلنه المحتفل في أكثر الطقوس الشرقية عند رفع القرابين قبل خدمة المناولة فالمؤمنون القديسون يتغذون بجسد المسيح ودمه المقدسات لكي ينموا في شركة الروح القدس ……………. وينقلوها إلى العالم.
1- شركة الخيارت الروحية
949- في جماعة أورشليم الأولى كان التلاميذ يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلاة (رسل 2، 42).
الشركة في الإيمان فإيمان المؤمنين هو إيمان الكنيسة المنقول عن الرسل وكنز الحياة الذي ينمو بتقاسمه .
950- شركة الأسرار: ثمرة جميع الأسرار هي ملك الجميع فإن الأسرار ولا سيما المعمودية التي هي الباب الذي يدخل منه الناس إلى الكنيسة هي ربط روحية توحدهم جميعا وتربطهم بيسوع المسيح فشركة القديسين يجب أن تفهم بحسب قصد الآباء على أنها شركة الأسرار والاسم شركة يمكن أن يطلق على كل سر لأن كل سر يضمنا إلى الله إلا أن هذا الاسم أجدر بالافخارستيا لأنها هي التي تتم هذه الشركة.
951- شركة المواهب: في شركة الكنيسة الروح القدس يوزع على المؤمنين من جميع الفئات النعم الخاصة لأجل أن ظهور الروح القدس يجري لكل واحد في سبيل الخير العام (1 كو 12، 7).
952- كان لهم كل شيء مشتركا (رسل 4، 32) كل ما يملكه المسيحي الحقيقي يجب أن يعده ملكا مشتركا بينه وبين الجميع ويجب أن يكون دائما مستعدا ومتأهبا لمساعدة المسكين وعوز القريب فالمسيحي مدبر خيرات الرب.
953- شركة المحبة: في شركة القديسين ما من أحد يحيا لنفسه ولا أحد يموت لنفسه (رو 14،7) إن تألم أحد تألم معه جميع الأعضاء وإن أكرم أحد يشترك في فرحة جميع الأعضاء والحال أنكم جسد المسيح وأعضاء كل بمقداره( 1 كو 12، 26-27) المحبة لا تلتمس ما هو لها( 1 كو 13، 5) وكل عمل نعمله في المحبة يكون في صالح الجميع في هذا التضامن مع جميع البشر أحياء كانوا أو أمواتا الذي يقوم على شركة القديسين وكل خطيئة تؤذي هذه الشركة.
2- شركة كنيسة السماء والأرض
954- حالات الكنيسة الثلاث: في انتظار مجيء الرب في جلاله وموكب الملائكة جميعا ويكون الموت قد مات وكل شيء قد أخضع للرب يواصل بعض من تلاميذه رحلتهم على الأرض ويكون بعضهم وقد أنهوا حياتهم على مواصلة التطهر ويكون بعضهم أخيرا في المجد يشاهدون في كمال النور الله كما هو واحدا في أقانيم ثلاثة ومع ذلك فجميعنا على درجات وصور مختلفة نشترك في المحبة الواحدة لله وللقريب مرنمين لله بنشيد المجد الواحد وهكذا فجميع الذين من المسيح ويمتلكون روحه يؤلفون كنيسة واحدة ويتماسكون بعضهم مع بعض ككل في المسيح.
955- الاتحاد بين الذين لا ينفكون على الأرض وأخواتهم الذين رقدوا في السلام المسيح لا يغشاه أي انفصام بل إنه على حد عقيدة الكنيسة غير المنقطعة يتوثق بتبادل الخيرات الروحية.
956- شفاعة القديسين: وإذ كان سكان السماء يرتبطون بالمسيح ارتباطا في الصميم أوثق يسهمون في توطيد الكنيسة في القداسة ولا يكفون عن الشفاعة فينا لدي الآب مقربين ثوابهم الذي استحقوه على الأرض بالوسيط الوحيد بين الله والناس المسيح يسوع فاهتمامهم الأخوي هو لضعفنا عون عظيم لا تبكوا فإني سأكون فائدة بعد موتي وسأساعدكم على وجه أفعل مما كان ذلك في حياتي سأقضي وقتي في السماء بفعل الخير على الأرض.
957- الشركة مع القديسين. “أننا لا نكرم ذكر سكان السماء لمجرد مثالهم لا غير وإنما نشد من وراء ذلك توثيق الاتحاد في الروح للكنيسة كلها جمعاء، بممارسة المحبة الأخوية. فإنه كما أن الشركة بين المسيحيين على الأرض تجعلنا أقرب إلى المسيح، كذلك اشتراكنا مع القديسين يربطنا بالمسيح الذي منه تفيض كل نعمة وحياة شعب الله بالذات كما من نبعها ورأسها.”
“المسيح نعبده لأنه ابن الله؛ أما سائر الشهداء فنحبهم على أنهم تلاميذ الرب وسائرون على خطاه، وهم جديرون بذلك بسبب تعبدهم الفريد لملكهم ومعلمهم؛ عسانا أن نكون نحن أيضا معهم في المسيرة والتلمذة.”
958- الشركة مع الأموات ” الكنيسة إذ تعترف بهذه الشركة القائمة في داخل جسد يسوع المسيح كله، فإنها، بأعضائها الذين لا ي ازلون في الطريق على الأرض، قد حوطت ذكر الأموات، منذ الأزمنة المسيحية الأولى، بكثير من التقوى، إذ قربت أيضا لجلهم قرابين العبادة، لأن “فكرة الصلاة لأجل الأموات ليحلوا من خطاياهم، فكرة مقدسة تقوية( “2 مك 12، 46). فصلاتنا لأجلهم من شأنها، لا أن تساعدهم وحسب، بل أن تجعل شفاعتهم فينا مستجابة.
959- في أسرة الله الوحيدة “عندما تجعلنا المحبة المتبادلة والاجتماع على حمد الثالوث الأقدس نتحد بعضنا مع بعض ـ نحن جميعاً أبناء الله الذين لا يؤلفون في المسيح إلا أسرة واحدة ـ نستجيب لدعوة الكنيسة في الصميم.”
بإيجاز:
960- الكنيسة هي “شركة القديسين”: وهذا التعبير يشير أولا إلى “الأشياء المقدسة” (المقدسات) وقبل كل شيء الافخارستيا التي “تمثل وتحقق وحدة المؤمنين الذين يؤلفون في المسيح، جسداً واحداً”.
961- وهذا التعبير يشير أيضا على “الأشخاص القديسين (القديسون)” في المسيح الذي “مات لأجل الجميع “، بحيث إن ما يعمله كل واحد أو يتحمله في المسيح ومن اجل المسيح، يحمل ثماراً للجميع.
962- “نؤمن بشركة جميع المؤمنين في المسيح، الراحلين على الأرض، والأموات الذين يتمون تطهيرهم، والطوباويين في السماء، كلهم معا وهم يؤلفون كنيسة واحدة، ونؤمن بأن في هذه الشركة ،تظل محبة الله والقديسين الرحيمة في حالة استماع دائم لصلواتنا.”
الفقرة 6 مريم ـ أم المسيح
أم الكنيسة
963- بعد إذ تكلمنا على دور العذراء مريم في سر المسيح والروح القدس، يجدر بنا الآن أن نهتم لمركزها في سر الكنيسة. “فالعذراء مريم .. يعترف بها وتكرم، حقاً وحقيقة، والدة الإله والفادي.. وهي أيضا وحقاً ” أم أعضاء المسيح ..لاشتراكها بمحبتها في ميلاد المؤمنين في الكنيسة الذين هم أعضاء هذا الرأس” “مريم أم المسيح، وأم الكنيسة.”
1- أمومة مريم بالنظر إلى الكنيسة متحدة كليا بابنها
964- دور مريم بالنسبة إلى الكنيسة لا ينفصل عن اتحادها بالمسيح؛ فهو يصدر عن ذلك الاتحاد مباشرة، “والارتباط بين مريم وابنها في عمل الخلاص يتجلى منذ حبلها البتولي بالمسيح حتى موته” وهو يتجلى بوجه خاص إبان الآلام:
“سلكت العذراء الطوباوية سبيل الإيمان محافظة على الاتحاد مع ابنها حتى الصليب حيث وقفت منتصبة لا لغير تدبير إلهي، متألمة مع ابنها الوحيد آلاما مبرحة، مشتركة في ذبيحة بقلب والدي، مولية ذبح الضحية المولود من دمها رضى حبها، لكي يعطيها المسيح يسوع أخيراً، وهو يموت على الصليب، أما لتلميذه، بقوله لها: “يا امرأة هوذا ا بنك” (يو 19، 26- 27)”.
965- ومريم، بعد صعود ابنها “كانت عوناً للكنيسة في نشأتها. وإذا كانت مريم مجتمعة مع الرسل وبعض النساء كانت “ترى تستنزل هي أيضا بصلواتها موهبة الروح الذي كان، في البشارة، قد بسط عليها ظله.”
… وكذلك في انتقالها….
966- “أخيراً فإن العذراء الطاهرة، بعد إذ عصمها الله من كل صلة بالخطيئة الأصيلة، وطوت شوط حياتها الأرضية، نقلت جسداً وروحها إلى مجد السماء، وأعلنها الرب سلطانة الكون لتكون بذلك أكثر ما يكون الشبه بابنها، رب الأرباب، وقاهر الخطيئة والموت”. فانتقال القديسة العذراء اشتراك فريد في قيامة ابنها، واستباق لقيامة المسيحيين الآخرين:
“في ولادتك حفظت البتولية، وفي رقادك ما تركت العالم، يا والدة الإله؛ فإنك انتقلت إلى الحياة ،بما أنك أم الحياة؛ وبشفاعتك تنقذين من الموت نفوسنا.”
… إنها أمنا في نظام النعمة
967- بخضوع مريم العذراء الدائم والكامل لإرادة الآب، وبممارساتها لعمل ابنها الفدائي، ولعمل الروح القدس كله، كانت للكنيسة مثال الإيمان والمحبة. وهي بذلك “عضو في الكنيسة فائق ووحيد ،”بل إنها “التحقيق المثالي” للكنيسة.
968- ودور العذراء، بالنسبة إلى الكنيسة والى البشرية كلها جمعاء، يصل إلى أبعد من ذلك “فقد أسهمت بطاعتها وإيمانها ورجائها ومحبتها المضطرمة، في عمل الخلاص إسهاماً لا مثيل له على الإطلاق، من أجل أن تعاد على النفوس الحياة الفائقة الطبيعة؛ لذلك كانت لنا، في نظام النعمة ،أما.”
969- “منذ الرضى الذي أظهرته مريم بإيمانها في يوم البشارة، والذي احتفظت به على ثباته بحذاء الصليب، تستمر أمومتها هذه، بلا انقطاع، في تدبير الخلاص، إلى أن يكتمل نهائياً جميع المختارين؛ فإنها بعد انتقالها إلى السماء لم تنقطع مهمتها في عمل الخلاص. أنها بشفاعتها المتصلة لا تنئ تستمد لنا النعم التي تضمن خلاصنا الأبدي.”
… من أجل ذلك تدعى العذ ارء الطوباوية في الكنيسة بألقاب مختلفة فهي: “المحامية، والنصيرة ،والظهيرة، والوسيطة.”
970- “الدور الأمومي الذي تقوم به مريم تجاه الناس لا يضير شيئاً ولا ينقص البتة من وساطة المسيح الوحيدة، بل يظهر، على خلاف ذلك، فعاليتها. ذلك بأن كل تأثير خلاص من العذ ارء الطوباوية … يصدر عن فيض استحقاقات المسيح، ويستند إلى وساطته، التي بها تعلق في كل شيء، ومنها يستمد كل فعاليته” “فما من خليفة البتة يمكن جعلها على مستوى الكلمة المتجسد والفادي. ولكن كما أن كهنوت المسيح يشترك فيه، على وجوه مختلفة، الخدام المكرسون والشعب المؤمن، وكما أن جودة الله الواحدة تفيض بوجوه مختلفة على المخلوقات، كذلك وساطة الفادي الواحدة لا تنفى، بل تبعث في المخلوقات، على خلاف ذلك، تعاوناً مختلفاً مرتبطاً بالمصدر الواحد”.
2- تكريم مريم العذراء
971- “تطوبني جميع الأجيال” (لو 1، 48) “تكريم الكنيسة للعذراء القديسة هو من ضمن الشعائر الدينية المسيحية”. والعذراء القديسة “تكرمها بحق إكراماً خاصاً. والواقع أن العذراء الطوباوية قد أكرمت، منذ أبعد الأزمنة، بلقب “والدة الإله”، والمؤمنون يلوذون بحمايتها، مبتهلين إليها في جميع مخاطرهم وحاجاتهم … وهذا التكريم …وان كان ذا طابع فريد على الإطلاق … غير أنه يختلف اختلافاً جوهرياً عن العبادة التي يعبد بها الكلمة المتجسد والآب والروح القدس، وهو خليق جداً بأن يعززها “وهو يجد التعبير عنه في الأعياد الطقسية التي خضت بها والدة الإله، وفى الصلاة المريمية، كالوردية المقدسة ” خلاصة الإنجيل كله.”
3-مريم أيقونة الكنيسة المعادية
972- بعد كلامنا على الكنيسة في أصلها، ورسالتها، ومصيرها، لم يبق لنا لختام الكلام أفضل من أن نوجه نظرنا إلى مريم لكي نتأمل فيها ما هي الكنيسة في سرها، وفى “رحلتها الإيمانية ،”وفى ما ستكون في الوطن الأخير الذي تسير نحوه، حيث تنتظرها “في مجد الثالوث الأقدس غير المنقسم”، و “في شركة جميع القديسين”، تلك التي تكرمها الكنيسة إما لربها، وإما لها خاصة:“كما أن أم يسوع في السماء حيث هي ممجدة جسداً وروحاً، تمثل وتفتتح الكنيسة في اكتمالها في الدهر الآتي، كذلك هي على الأرض، إلى أن يأتي يوم الرب، تشع الآن آية ليقين الرجاء والتعزية أمام شعب الله في مسيرته.”
بإيجاز:
973- منذ قول مريم “ليكن” في يوم البشارة، وقبولها سر التجسد، أسهمت في العمل كله الذي كان ابنها مزمعا أن يقوم به. إنها أم حيثما كان هو مخلصا وأرسا للجسد السري.
974- بعدما أتمت مريم العذراء الكلية القداسة حياتها الأرضية نقلل جسدها ونفسها إلى مجد السماء، حيث تشترك في مجد قيامة ابنها، مستبقة قيامة جميع أعضاء جسده.
975- “إننا نعترف بأن والدة الإله الكلية القداسة، حواء الجديدة، أم الكنيسة، تواصل في السماء دورها الأمومي في شأن أعضاء المسيح.”