التراث العربي المسيحي القديم
الفصل التاسع عشر
دراسات حول بعض اللاهوتيين العرب:
(7) ساويروس ابن المقفع
(عن كتاب: “المسيحية والحضارة العربية”، تأليف الاب جورج قنواتي، دار الثقافة 1992، ص. 255-258)
(من كتاب “ساويرس بن المقفع وكتاب مصباح العقل” تقديم وتحقيق الاب سمير خليل، سلسلة التراث العربي المسيحي) (1)
من اعظم الشخصيات التي انحبتها الكنيسة القبطية في القرن العاشر الميلادي. وهو من اول المؤلفين الاقباط الذين استعملوا اللغة العربية في كتب لها أصالة مرموقة، ولا يعرف الا القليل عن شخصيته.
نشأته وخدمته للدولة
وُلد ساويروس حوالي سنة 915، من والد لقب بالمقفع، أي “المنكس الرأس أبدا”، او “من كانت يده متشنجة”. فعُرف هو باسم “ابن المقفع”. وهناك م يقول تفسير معنى “المقفع” ترجع غالبا الىالكلمة المصرية “قفة” التي حُرفت الى “قفعة”. ولكنها ما زالت تنطق حتى اليوم في لفظها الاول “قفة” وهي تطلق على وعاء من الخوص او حبال ليف النخيل، يصنعه عادة الفلاحون في الريف المصري، وكذلك الرهبان والمتصوفة. ولعل والد اويروس كان يمتهن هذه المهنة فاشتهر بالمقفع. وهو غير عبدالله بن المقفع ناقل كتاب “كليلة ودمنة” الى العربية، ولا يمت بصلة اليه. واغلب الظن أنه نشأ في مصر، أي فيما نسميه “مصر القديمة” او “العتيقة”، اذ كان ذلك قبل تأسيس مدينة القاهرة على يد الفاطميين. والدليل على ذلك ما قاله انبا يوساب اسقف فوه: “كان كاتبا من أهل مصر. واعطاه الرب رحمة ونعمة وفهما وحسن لفظ حتى انه صنف كتبا كثيرة”. ولذلك اشتهر باسم “الكاتب المصري”. ومما يؤكد ذلك، ولو بطريقة غير مباشرة، كون ساويروس بحث اولا عن مصادر “كتاب سير البيعة” في دير نهيا ودير ابو مقار، وهما ديران قريبان من مدينة مصر، لا سيما دير نهبا.
تكوينة العلمي والفلسفي
تربى ساويروس احسن تربية، اذ جمع بين العلوم الدينية والعلوم الدنيوية، كما يتضح ذك من حياته ومؤلفاته. ونخص بالذكر معرفته للفلسفة اليونانية والعربية ولعلم الكلام. فلا نجد مصنفا من مصنفاته الا وفيه رد فلسفي دقيق، حتى وان كان الكتاب موجها للشعب، كما أنه يلجأ احيانا الى الطب لتوضيح بعض الأمور، كما نرى مثلا في “كتاب البيان المختصر في الايمان”، او الى علم النجوم.
كنيته “ابو البشر”
عُرف ساويروس في هذا الوقت باسم “ابي البشر بن المقفع، الكاتب”. ولدينا شواهد عديدة على ذلك. منها عنوان رسالته الى الوزير القبطي ابي اليمن قزمان ابن مينا، الذي تولى الوزارة على ايام ابي المسك كافور الاخشيدي (966-968) ونال ثقة الملك المعز لدين الله (972-975). واليك عنوان الرسالة: “نبتدىء بعون الله وتأييده نكتب رسالة انبا ساوري اسقف الاشمونيين، المعروف قبل رهبانيته بأبى البشر بن المقفع الكاتب، الى أبي اليمن قزمان بن مينا، عامل مصر (أيده الله) فيما سأله من الكتاب اليه بمذاهب النصارى، على طريق الاختصار والايجاز”.
ومنها عنوان كتاب “مصباح العقل” حيث نجد: “… تأليف الاب ساويروس اسقف الاشمونين، المعروف قبل رهبانيته بأبي البشر ابن المقفع الكاتب”
ومنها عنوان ميمره للكهنة: “نبتدىء بمعونة الله وحسن توفيقه نكتب موعظة الكهنة التي تقرأ في الرابع والعشرين من هتور، لابينا القديس سويرس اسقف الاشمونين، المعروف قبل رهبانيته بأبي البشر ابن المقفع، الكاتب المصري”.
هذه الكنية لا تعني انه انجب ولدا سماه البشر. وانما تدل على أنه كان شخصا محترما معتبرا مبجلا. اذ لم يُكنِّ أهل مصر المسيحيون بأبي فلان، الا اذا كانوا ذوي قدر وعلو شأن.
ولا ندرى اذا كان ابو البشر قد تزوج ام لا. الا ان اغلب الظن انه كان عازبا، اذ لم يذكر احد المؤرخين انه ترك امراته عندما ترهب وان لم يكن هذا دليلا قاطعا.
ترهبه واختياره اسقفا
بعد ان وصل ابو البشر الى اعلى المناصب، ترك مجد العالم، وتخلى عن وظيفته، ليترهب في احد الاديرة. ولا ندري اين ترهب، ولا متى. كما اننا نجهل السبب الذي جعله يترك العالم، ليذهب الى البرية. الا ان هذا دليل قاطع على تقواه وورعه.
ولا شك في ان ساويروس استفاد من فترة ترهبه ليكمل تكوينه الديني. وكان هذا التكوين يعتمد اساسا على قراءة الكتاب المقدس ومؤلفات الآباء وقد تفوق ابو البشر في هذا العلم وفي ذلك.
– معرفته للكتاب المقدس: معرفة ساويروس للكتاب المقدس مذهلة. نسوق للقارىء مثالين عليها.
(1) في كتابه المعروف بكتاب “الدر الثمين في ايضاح الاعتقاد في الدين”، الذي ينقسم الى 15 بابا، يذكر ساويروس 1161 (الفا ومائة وواحد وستين) نصا كتابيا (هذا بصرف النظر عن التلميحات الى نصوص كتابية)، منها 307 مرجع الى العهد القديم و854 الى العهد الجديد.
(2) كذلك، الفصل العاشر من كتاب “تفسير الأمانة”، حيث يفسر فيه نص قانون الايمان، مليء بالمراجع الكتابية.
ولقد قرأنا عشرات، بل قل مئات، من مؤلفات النصارى العرب، الا انا لم نجد ابدا خلال دراستنا للمفكرين العرب، من يضاهي ساويروس في معرفته للكتاب المقدس… ولا شك ان هذه المعرفة المدهشة للكتاب المقدس هي ثمرة تأملات ساويروس في خلوة الدير.
– معرفته لأباء الكنيسة
كذلك معرفته لآباء الكنيسة تفوق مستوى معاصريه. ففي نفس كتاب “الدر الثمين” المذكور، قد احصى الناشر الالماني 191 مرجعا لآباء الكنيسة، سوى نصوص اخرى لم يعتبرها من التراث الآبائي.
واذا تذكرنا ان كثيرا من هذه النصوص، او قل معظمها، لم تكن مترجمة بعد الى اللغة العربية، لفهمنا المجهود الجبار الذي بذله ساويروس للتعرف على الآباء في الاصول، لا من خلال الترجمات. ولا شك انه درس الآباء في اثناء حياته الرهبانية.
لم يكتف ساويروس بدراسة الآباء الرهبان او التراث الروحي الرهباني، وانما قرأ مؤلفات معظم الآباء اليونانيين الكبار، من لاهوت وتاريخ وطقوس وروحانيات.
اختياره اسقفا
ولما كان ساويروس ذا علم وفضل، ذاع صيته بين المسيحيين، فاختاره اراخنة الشعب والبطريرك ليسام اسقفا على مدينة الاشمونين. فغيّر ابو البشر اسمه، وعُرف بأنبا ساويروس. وكنا نتمنى ان نعرف مَن مِن البطاركة رسمه اسقفا، ولكن التاريخ لم يذكر ذلك. الا انه شبه مؤكد ان رسامته تمت على يد البطريرك الستين، انبا ثاوفانيوس، الذي ادار شؤون الكنيسة القبطية من سنة 953 الى سنة 956، او على يد انبا مينا الثاني (956-975).
ساويروس المجادل
من الأمور التي اشتهر بها مجادلاته مع أئمة المسلمين في عصره، ويُعتَبَر ساويرس بن المقفع بلا منازع أكبر عالِم دين ولاهوتي مسيحي في القرن العاشر الميلادي كله. كان صديقًا للبابا ابرآم بن زرعه السرياني وهو البابا 62، كما كان يتردد على بلاط المعز لدين الله الفاطمي الذي كان يدعوه للمناظرة مع أئمة المسلمين واليهود في حضرته. وكان ساويرس يتفوق عليهم بقوة حجته وفرط ذكائه. وبسبب توقد ذكائه وعلمه كانت له علاقات طيبة مع كبار علماء المسلمين، وكان يمزج جلساته معهم بالمرح. من أمثلة مرحه وسرعة بديهته أنه كان جالسًا عند قاضي القضاة، وحدث أن مرَّ عليهم كلب، وكان يوم الجمعة، وكان هناك بعض الجالسين. فقال له قاضي القضاة: “ماذا تقول يا ساويرس في هذا الكلب؟ هل هو نصراني أو مسلم؟” فقال له: “اسأله فهو يجيبك عن نفسه”. فقال له القاضي: “هل الكلب يتكلم؟ وإنما نريدك أنت أن تقول لنا”. فأجابه القديس: “نعم يجب أن نجرب هذا الكلب، وذلك أن اليوم يوم الجمعة والنصارى يصومون ولا يأكلون فيه لحم فإذا فطروا عشية يشربون النبيذ، والمسلمون ما يصوموه ولا يشربون فيه النبيذ ويأكلون فيه اللحم. فضعوا قدامه لحمًا ونبيذًا، فإن أكل اللحم فهو مسلم وإن لم يأكله وشرب النبيذ فهو نصراني”. فلما سمعوا كلامه تعجبوا من حكمته وقوة جوابه.
مناظرته مع موسى اليهودي
بالإضافة إلى مناظرة المسلمين كانت له مناظرات مع اليهود، منها مناظرته مع موسى اليهودي التي تمت في حضرة المعز لدين الله سنة 975م، وهي موجودة في كتاب “تاريخ البطاركة” المجلد الثاني الجزء الثاني. كان موسى اليهودي صديقًا ليعقوب بن كلِّس الوزير الذي كان يهوديًا واعتنق الإسلام، وفي اليوم المحدد حضر موسى اليهودي والوزير بن كلِّس بحضرة الخليفة المعز في قصره. فجلسوا وقتًا طويلاً وهم سكوت، فقال لهم الخليفة المعز: “تكلموا فيما اجتمعتم فيه”، ثم قال: “تكلم يا بطرك وقل لنائبك يقول ما عنده”، فقال البطريرك للأسقف: “تكلم يا ولدي فإن الله يوفقك”. فقال الأسقف للمعز: “ما يجوز خطاب رجل يهودي بحضرة أمير المؤمنين”. فقال له اليهودي: “أنت تعيبني وتقول بحضرة أمير المؤمنين ووزيره أني جاهل؟” قال له أنبا ساويرس: “إذا ظهر الحق لأمير المؤمنين ما يكون فيه غضب”، قال المعز: “ما يجوز أن يغضب أحد في المجادلة بل ينبغي للمجادلين أن يقول كل واحدٍ منهم ما عنده ويوضح حجته كيف شاء”. قال الأسقف: “ما أنا شهدت عليك يا يهودي بالجهل بل نبي كبير جليل عند الله شهد عليك بذلك”. قال اليهودي: “ومن هو النبي؟” فأجابه القديس: “هو إشعياء الذي قال في أول كتابه: “عرف الثور قانيه والحمار عرف مزود سيده وإسرائيل لم يعرفني”. فقال المعز لموسى: “أليس هذا صحيح؟” فأجاب: “نعم هذا هو مكتوب”، قال الأسقف: “أليس قد قال الله أن البهائم أفهم منكم؟ وما يجوز لي أن أخاطب في مجلس أمير المؤمنين دام عزه من تكون البهائم أعقل منه وقد وصفه الله بالجهل”. فأعجَب الملك المعز ذلك وأمرهم بالانصراف، واستحكمت العداوة بين الفريقين وقوي غضب الوزير وصار يطلب عثرة على البطريرك لأجل أنه فضح اليهود بين يديّ الخليفة المعز.
ساويروس الكاتب
اخذ ساويروس يتدرج في الوظائف، ايام الدولة الاخشيدية، حتى اصبح كاتبا ماهرا. وكانت رتبة الكاتب آنذاك رتبة مهمة في الدولة. يقول المستشرق كرنكوف: “كان وظائف الكاتب شريفة جدا. حتى ان الوظائف التي قام بها الوزير فيما بعد، كان يقوم بها الكاتب في ايام الخلفاء الراشدين والدولة الاموية… واصبحت طبقة الكُتّاب قديرة جدا، ومنها اختير كبار موظفي الدولة”.
من اهم شروط وظيفة الكاتب، ان يكون متضلعا في اللغة العربية، ملما بعلومها وآدابها واسرارها. وقد شهد بذلك صاحب ترجمته، اذ قال: “وكان، من جملة الاساقفة، حاضرا اسقف قديس فاضل، على كرسي الاشمونيين، يسمى ساويروس، ويُعرف بابن المقفع. واعطاه الرب نعمة وقوة في اللسان العربي، الى ان كتب كتبا كثيرة وميامر ومجادلات ومن قرأ كتبه، عرف فضله وصحة علمه”. كذلك، “كان الكاتب مطالبا بان يكون ملما بمعلومات عامة في شتى المواضيع. لذلك وضع لهم المؤلفون كتبا في جميع الميادين”. كما كان ملما باللغة القبطية واليونانية.
مؤلفاته
لساويروس مؤلفات عديدة، بعضها مطبوع، وبعضها مخطوط، وبعضها مفقود. وقد ذكر انبا ميخائيل اسقف تنيسن سنة 1051، عشرين كتابا له وصلت اليه. اما ابو البركات بن كبر، المتوفى سنة 1324، فقد ذكر له 26 مؤلفا، في الباب السابع من موسوعته المعروفة بكتاب “مصباح الظلمة، في ايضاح الخدمة”، وانتهى من مراجعته حوالي سنة 1321. ومن الجدير بالذكر ان عناوين مؤلفات ساويروس تختلف كثيرا بين نسخة ونسخة.
قائمة ابو البركات
1- في التوحيد
2- في الاتحاد
3- الباهر، في الرد على اليهود والمعتزلة
4- البليغ، في مثل ذلك
5- في الرد على سعيد بن بطريق الملكي، البطريرك المعروف بأبن الفراش، صاحب التاريخ.
6- الشرح والتفصيل، في الرد على نسطور وشيعته
7- رسالة في الديانة، كتبها الى ابن اليمن قزمان بن مينا الكاتب
8- نظم الجوهر والدر، في الرد على القول بالقضاء والقدر
9- المجال
10- طب الفم، وشفاء الحزن (تهذيب الاخلاق).
11- المجامع
12- تفسير الآمانة الارثوذكسية
13- رسالة في حال الاطفال، من المؤمنين والكافرين، وكيف تقويم النفس في الحكم.
14- في الاستبصار، وهو مصباح العقل
15- السير
16- الانتصار
17- ترتيب الكهنوت، وهو الانباء عن طقوس الكنيسة
18- في اختلاف الفرق
19- في الاحكام
20- ايضاح الاتحاد، والقول على تجسد الرب
21- تفسير الاناجيل المقدسة
22- اجوبة مسائل ابن جارود
23- شرح اصول الدين، وترتيب الخدمة والبخور، ورشم الثياب، ونسبة السيدة.
24- كتاب البيان المختصر في الايمان
25- كتاب المثاليات والرموز
26- كتاب التعاليم في الاعتراف والذنوب.
مؤلفات ساويروس المطبوعة
1- “كتاب سير البيعة”. طبع المستشرق الالماني ريكويفه سير البطاركة العشرة الاولين، مع ترجمة لاتينية، في لابيتسنج، سنة 1758 و1759.
2- “كتاب سير البيعة” طبعه بكامله المستشرق الانجليزي ايفتش، مع ترجمة انكليزية، في “المجموعة الابائية الشرقية” في باريس،
فيما بين سنة 1904 و1915.
3- “كتاب سير البيعة”. طبعة بكامله المستشرق الالماني زيبلد، دون ترجمة في بيروت، فيما بين نهاية سنة 1904 و 1910.
4- “الرد على سعيد بن بطريق” طبعه الاب بطرس شبلي، مع ترجمة فرنسية، في “المجموعة الابائية الشرقية” سنة 1905.
5- “تفسير الامانة”. طبعه الاب لورواه، مع ترجمة فرنسية في “المجموعة الابائية الشرقية”، سنة 1910.
6- “كتاب سير البيعة” الرواية المختصرة. طبعه زيبلد دون ترجمة، في همبورج سنة 1912.
7- “كتاب الايضاح”. طبعه مرقس جرجس، تحت عنوان “كتاب الدر الثمين في ايضاح الدين”. في القاهرة سنة 1925.
8- “ترتيب الكهنوت”. طبعه المستشرق الالماني يوليوس اسفلج، مع ترجمة المانية وبحث مستفاض، في القاهرة، سنة 1955. ولكنه يشك في نسبة هذا الكتاب الى ساويروس.
9- “في اختلاف الفرق”:
– طبعه اسفلج في نهاية “ترتيب الكهنوت” ص 50-59.
– طبع خلاصته الاب سمير خليل، تحت عنوان “نص قبطي قديم عن الوحدة”، في مجلة “رسالة الكنيسة” (المجلد 2 (1970)، ص 41-42.
– طبعه بكامله، مع تطبيق (واعادة طبع المقالة السابقة)ـ انبا بطرس كامل مدور، تحت عنوان: “في الفرق بين القبط والملكية”، في مجلة المسرة، المجلد 56 (بيروت 1970) ص 249-256 و 331-336 و 412-418.
10- “كتاب الايضاح”. طبع منه اجزاء من المقالة الخامسة “في بيان القتال الذي نقاتل به الشياطين، وكيف نغلبهم” الاب سيمر خليل، مع تقديم وتعليق، في سلسلة مقالات من مجلة “رسالة الكنيسة” المنيوية.
11- “كتاب الايضاح”. طبعته مدارس التربية الكنسية بشؤان في سلسلة “من تراث الآباء”، تحت عنوان “الدر الثمين. في ايضاح الدين. للقديس الانبا ساويروس، الشهير بابن المقفع”.
12- “الدر الثمين”. طبع منه الابواب الخمسة الاولى (أي ثلثه تقريبا) المستشرق الالماني مايبرجد، دون ترجمة، مع بحث مستفاض، في فيسبادن سنة 1972.
13- “مصباح العقل”. طبع منه بعض الابواب الاب سمير خليل في مجلة “رسالة الكنيسة”، المجلد 7.
14- “مصباح العقل”. طبع الاب سمير خليل المقدمة، مع ترجمة فرنسية وبحث مستفاض، اعتمادا على مخطوطين في “مجلة الشرقيات المسيحية”، المجلد 41 الجزء الاول، روما 1975، ص. 150-210.
15- “مصباح العقل” : طبعه (ما عدا البابين الاخيرين) رفعت عبيد و م. يونج، مع ترجمة انكليزية، اعتمادا على مخطوطة واحدة، في تشرين اول 1975.
16- “اسئلة في القربان المقدس”. طبعه الاب سمير خليل، تحت عنوان “اسئلة في القربان الاقدس، لساويروس بن المقفع” في مجلة “صديق الكاهن”، المجلد 16، 1976، مع تقديم وتعليق.
17- “في البيان المختصر في الايمان”. طبع منه الاب سمير خليل المقدمة والبابا الثالث والرابع والخامس في مجلة “رسالة الكنيسة”، المجلد 8 1976.
كتاب مصباح العقل
(نشرة “رعيتي” 22/2001)
كتاب يشرح فيه أهمّ العقائد المسيحيّة بمنهجيّة فلسفيّة مدافعًا عن صحّة الإيمان بها.
بعد مقدمة الكتاب، يتناول ساويرس موضوع الإيمان بالله الواحد الذي “نعرفه آبًا وابنا وروحا قدسا، جوهرا واحدا، وطبيعة واحدة، وذاتًا واحدة”. والحجة الوحيدة التي يقدمها كاتب النص هي “إنما قلنا إنه آب وابن وروح قدس”، لأن “الإنجيل أعلمنا” بذلك. ويصف الكاتب الله بأنه “فاعل، قائم بذاته، أزلي، باقٍ، سرمدي”. ثم يفسر معنى قول المسيحيين بأن الله آب وابن وروح قدس بقوله: “نذهب إلى أن هذا الخالق حي ناطق. فنطقه كلمته، وحياته روحه”. ويعني هذا عند الكاتب أن الابن والروح القدس هما من ذات الآب وجوهره وطبيعته. لهذا يقول الكاتب، مميزا بين كلمة الله الأزلية غير المخلوقة وكلام البشر الذي هو كلام مخلوق، إن “كلام البارئ (تبارك وتعالى) ليس ككلام البشريين الزائل البائد الذي إنما عِلته اختلاط الهواء بالصوت. بل نطقه (تبارك وتعالى) نطقٌ ذاتيّ جوهريّ، عِلته هي الذات”.
ثم ينتقـل ساويرس إلى شرح ما يعتقده المسيحيون في السيد المسيح، فيقول: “المسيح عندنا كلمة الله وحكمته وقوته، وإنما أسميناه مسيحا، متبعين لقول الله في كتبه”. ويلاحظ الكاتب أن اسم المسيح في اللغة اليونانية يعني “المدهون”. ويؤكد أن الله نفسه قد صار إنسانا “وتراءى لنا، وظهر لنا في آخر الزمان، في جسد خلقه من جسم العذراء مريم”. هنا يشير ساويرس إلى أن هذا التجسد الإلهي كان تحقيقا لنبوءات العهد القديم، وأن الله ظهر قبل المسيح على أنبيائه وكلمهم بطرائق شتى، ويذكر من هؤلاء الأنبياء إبرهيم ويعقوب وموسى وأيوب وأشعياء ودانيال وعاموص وحزقيال و”سائر النبيين والمصطَفين”. ولكن أهمية التجسد تفوق بكثيـر أهميـة تلك الترائيات للأنبياء، ويذكر هنا نبوءة باروك: “إن الله حقًّا سيظهر على الأرض ويمشي بين الناس” (3: 38).
بعد أن يعيد ساويرس التأكيد على تجسد المسيح “بجسد كامل ذي نفس وعقل تجسدا كاملا تاما” وصيرورته “إنسانا كاملا”، يقرر حقيقة موت المسيح على الصليب وقيامته كونه إنسانا تاما. فالمسيح “من جهة إنسانيته وتأنسه قابل الآلام والموت، ومن جهة أزليته ولاهوتيته غير ملموس ولا محسوس ولا متألم ولا مائت”. ولكي لا يكون ثمّة التباس في كلامه، يؤكد الكاتب على وحدة المسيح بقوله: “إن المسيح خالق ورازق وحي وعالِم من حيث هو إله. ونقول إن المسيح أكل وشرب وقتل ومات من حيث هو إنسان. والوصفان (أي الإلـه والإنسان) واقعان على المسيح. ولهذا، أيضا، يرد الكاتب على مَن يتهـم المسيحيين بنسبة الموت إلى الإله قائلا: “فمَن يشنع علينا بأننا نقول إن الإله قُتل وصُلب ومات فهو جاهل بأقاويلنا غير عالم بغرضنا”. وإنْ لم يستعمل الكاتب بصراحة تعبيري الطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية، إلا أنه يلتقي بالإيمان الأرثوذكسي من حيث إن المسيح نفسه قد مات على الصليب بطبيعته الإنسانية وهو نفسه الخالـق والحي أبدًا بطبيعتـه الإلهية.
ويتطرق ساويرس إلى مسألة القيامة العامة فيقول: “نؤمن بقيامة الأجساد البالية يوم القيامة”، فيدخل الأبرار “الذين أطاعوا الخالق وعملوا بنواميسه وشرائعه” الملكوت. أما “الفجار” فإنهم يعاقَبون “بنار جهنم والظلمة الخارجية والدود الذي لا ينام وبأصناف أخرى من العذاب، الله أعلم بها”. ويؤمن الكاتب بقدرة الإنسان الكاملة على الاختيار، فإن الله خلقه كائنًا حرا: “وإنه خلقنا مستطيعين، ممكنين في قوانا. فمهما فعلناه، مما أمرنا بفعله، فهو طاعة له. ومهما أتيناه، مما نهانا عنه، فهو معصية له. وكل ذلك بالاستطاعة التي أعطيناها”. ولا يغفل الكاتب عن التذكير في هذا الصدد بأن الله “البارئ عادل، جوّاد، حليم، عالم، قادر”، ولأنّه عادل سيقيم الحكم في اليوم الأخير.
اشهر كتبه
1- تاريخ بطاركة الاسكندرية: هو اشهر كتبه. وقد ترجمه العالم الفرنسي رينودو Renaudot الى اللاتينية. فاصبح المصدر الاساسي لتاريخ الكنيسة القبطية في القرون الوسطى. وقد امضى سويروس ثمان سنين للبحث عن مصادر تاريخه في الاديرة وفي مدينة الاسكندرية. ولقد استعان لترجمة المصادر اليونانية بالشماس ميخائيل بن يُدير الدمنهوري.
واول من واصل عمل سويروس هو مخائيل، مطران تنس، الذي الف تاريخ البطاركة منذ 880-1046. وفي سنة 1088 جمع افكار سويروس المشتتة في اماكن مختلفة ونظمها الشماس موهوب بن منصور بن مفرح. وقد وضع محبوب فيما بعد مقدمة بدل مقدمة سويروس وادخل حياة مرقس غير الموجودة. وقد هذب بعض التعابير من وجهة الاسلوب ليعطيها رونقا وايضاحا، فاصبح هذا النص المهذب النص العمدة لتاريخ بطاركة الاسكندرية. وقد اضاف محبوب فيما بعد ترجمة البطريرك المعاصر خريستودوس (1047-1077)، ثم اضاف يوحنا بن سعيد بن يحيى بن مينا، الملقب بابن القلزمي ترجمة لحياة البطريرك كيرلس (1078-1092) وخلفائه: ميخائيل 1092-1102) ومكاريوس (1102-1128) ومرقس بن زرعة للثلاث بطاركة التابعين: جبرائيل بن تريك، ميخائيل ويوحنا (1146-1166). ولا يعرف من ترجم للبطاركة التابعين: من مرقس الى كيرلس بن لقلق (1235).
ان تاريخ بطاركة الاسكندرية ليس هو المصدر الاساسي لتاريخ الكنيسة المصرية القبطية فحسب، بل لكنيسة الحبشة ايضا وتاريخ الكنيسة في النوبة وكثير من التفاصيل التي وردت فيه تخص تاريخ مصر السياسي. انظر: Jean Maspéro: “Histoire des patriarches d’Alexandrie”, Paris 1923.
وقد تولت جمعية الآثار القبطية تكملة نشر هذا التاريخ، وقام بهذا العمل العالمان يسى عبد المسيح وبورمستر O.H.E. Burmester باسم تاريخ بطاركة الكنيسة المصرية: “History of the Patriarchs of the Egyptian Church, Known as the History of the Holy Church”, by Sawirus ibn-al-Muqaffa, vol. II. Part I (KhaéIII, Shenoute I) (A.D. 849-880)(ED).
2- في ميدان المجادلات اللاهوتية – ولكن ايضا على اساس تاريخي، الف ساويروس الكتابين التاليين:
(أ) كتاب المجامع، في اربعة فصول، اعطى فيه ساويروس مختصر تاريخ الكنيسة من وجهة نظره ومتعمدا الرد على الكاتب الملكي سعيد بن البطريق (اوتيخوس) وقد الفه قبل سنة 955. وهو يبدأ بوصف عمل الوحي الالهي منذ بدء الخلق حتى صعود السيد المسيح الى السماء، ثم الكرازة الرسولية المبنية عل نصوص الكتاب المقدس واخيرا تعليم آباء الكنيسة، ثم ظروف المجامع الكنسية الاربعة الاولى وتفاصيل اعمالها وبخاصة تفاصيل مسهبة عن مجمع خلقيدونية. ومن هنا أُعطي للكتاب عنوانه. وفي ملحق يعطي ساويروس بعض النصائح للوقوف على تواريخ ولادة المسيح والعماد والموت والقيامة. وقد نشر هذا الكتاب الاستاذ شبلي: P. Chébli: “Réfutation de Saaid-Ibn-Batriq (Eutychius) (le Livre des Conciles) in Patr. Orien. T. III (1905). PP. 121-142.
(ب) وقد ألف ساويروس تكملة لهذا الكتاب سماه: “الكتاب الثاني” سنة 955. وتشمل التسع فصول الاولى نفس موضوع الكتاب السابق ولكن بشيء من الاسهاب. واما الفصل العاشر فهو شرح وتوضيح قانون ايمان النيقاوي القسطنطيني مع قصد دفاعي ظاهر. ويشتد الجدال ضد النساطرة، بخاصة ضد ايليا علي بن عبيد، مطران دمشق الذي كان هو ايضا فسّر قانون الايمان المذكور، كما انه ناقش آراء اليهود والمعتزلة من بين المسلمين الذين، حسب قوله، يقولون بتجسم كلمة الله وقد ذكر بالاسم ابراهيم النظام (المتوفى سنة 845).
وقد نشر “الكتاب الثاني” العالم لوروا: L.Leroy: Sévère ibn-al-Muqaffa: “Histoire des Conciles (Second Livre) Ed. Et traduction du texte arabe, in Patr. Or. T. VI (1900) pp. 465-600.
وفي بعض المخطوطات يسمى الكتاب “تفسير الامانة وتأويل الفاظها”.