كنيسة المعهد الاكليريكي - كنيسة السلام
يرى المعهد الاكليريكي، مكان الصلاة، ومنبع السلام، في كنيسة “السلام” وهي قلبه النابض، المكان الذي تتردّد فيه دعوة الله وفيه ينتظِر جواب الانسان، وهي المكان الشركة بين الله الذي يدعو والشاب الذي يجيب.
يخيم المسيح، على الفسيفساء الكبير في الوسط، وهو يحمل في يديه أثار المسامير التي استعملت في الصلب، ووجه ودود جذاب وينظر إلى الجميع بمحبة ويدعو إلى المشاركة معه، وعيش حضور الله على مذبح الحبّ، بواسطة الروح وحضور مريم التي تحتضن الرسل تحت ثوبها وترمز إلى أمومة مريم. تشعّ من هذا المسيح قوة صفاء، سلام وفرح في المشاركة في ذبيحته الخلاصية، دون أيّ استثناء: فكل خليقة مستحقّة لمحبّته. فقد تنازل وتجسّد في تاريخ البشرية، متخذًا إياها، وجاعلاً من تاريخ كل إنسان تاريخه الشخصي. ونرى خلفه نوعاً من اضطراب عناصر العالم مما يدل على تجديد العالم وعلى المجيء الثاني. وهو يدعو الاكليريكي دعوة جادّة إلى عيش مقترحات المعهد الاكليريكي.
المذبح، ذكرى محبته الخلاصية، مزين بفسيفساء مليئة نضارةً وألوانًا، تذكِّرنا بالعنب وسنابل القمح، رمز جسد المسيح ودمه. وهذه الزخرافات الفرحة والزاهية، تدلّ على جمال تقدمة المسيح ذاته عنا، وجمال التقدمة التي يريد أن يشركنا فيها وبشكل خاص، نحن الكهنة.
من بيت القربان ينطلق طريق الرجاء المصنوع من النور، واللون والرمز، والذي يُتوسّع على عشر زجاجيات. وفيها تلميح إلى الطريق التي يسلكها المسيح مع الشاب في التنشئة. فالزجاجيات هي دعوة إلى التفكير في المشاعر التي يجب أن ترافق الاكليريكي في مسيرته.
في الزجاجية الاولى يظهر المسيح نورًا لطريقنا، فالمسيح نوراً ومصباحاً لخطى التلاميذ من خلال أسراره انطلاقاً من الميلاد حتى الافخارستيا. ويذكر هذا بمزمور 27: “الرب نوري وخلاصي. فممن أخاف؟”
تدعونا الزجاجية الثانية إلى طريق الطهارة، البساطة، الجمال، النعمة، والخصوبة، ويُرمز بذلك بالزنابق وبالألوان الزاهية، فالمسيح يرافقنا بقوة قلبه المملوء نعمة وحقًّا. توازيها بعض مساحات من الظلمة، لكم يصحّ أن نتّكل على يسوع ونتبعه. وهي مستوحاة من مزمور 23: “الربّ راعي فلا يعوزني شيء”.
أما الزجاجية الثالثة، فتعتمد على اللون الأحمر وخلفيتها صفراء اللون. وهي مستوحاة من مزمور 98: “أنشِدوا للرَّبِّ نشيدًا جديدًا، فإنه صَنَعَ العجائِب”. بإتباعنا ليسوع، تصحبنا قوة محبته، المملؤة من النعمة والحق. ونفهم العلاقة بين السماء والأرض ونقطة الوصل بين هذين الواقعين، المعبَّر عنه في الصورة على شكل أوراقٍ من اللون الأحمر الغامق والذي يلمس الأرض انطلاقاً من الأعلى في نقطة معينة. فهل صلاتنا نقطة التحام بين السماء والأرض؟
والزجاجية الرابعة، تتميز بالأخضرار، فهي نشيد للطبيعة السليمة من العدوى، والتي تشكّل الإطار الحيوي للبعد التأملي. فالله يتكلّم في الصمت وعلى الإنسان أن يترك نفسه تُجرّ من المسيح. فإذا سمحنا له بأن يقودنا، فهو يغوص بنا في الطبيعة الغير الملوّثة.
أما الزجاجية الخامسة فهي دوائر زجاجية نُظهِر المسيح يقوتنا بجسده الذي أصبح طعاماً المرموز إليه بسنابل القمح، التي تتحول لتصير خبزاً طازِجًا وعطِرًا. “إن حَبَّةَ الحِنطَةِ التي تَقَعُ في الأرض إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإذا ماتت، أخرَجَت ثَمَراً كثيراً” (يو24:12). ووضِعَت في وسط الزجاجيات المستديرة، لوحة فسيفساء مدوّرة والتي تُمثِل، بواسطة رمز حبة الحنطة، حضور الله الذي يُضيء ويُحي أرض كنيسة القدس، المشار إليها بالصليب.
في الزجاجية السادسة، يحملنا المسيح إلى مسيرة تطهير ويملأ قَلبَنا سلامًا، يُشارُ إليه بحمامة السلام البيضاء في خلفية تحمل اللون الأخضر يحاذي اللون الأسود الذي يدلّ على الظلمة الموجود فيها مَنْ يفقد الطريق إلى السلام.
بينما تعبّر الزجاجية السابعة عن الصمت الذي يولد في نفس المتأملة والتي حصلت على السلام. فالصلاة هي حوارٌ بين الله والإنسان في جوٍ من الصفاءِ والنورِ الداخلي.
ويُغرقنا يسوع في الزجاجية الثامنة و التاسعة بين الأرض والسماء بنورٍ يُطمئِنُنا، بقوةِ حضوره. فالصحراء، مساحة الله، حيث تولد في الصمت نعمة الحوار بين عظمة الله وضعف الإنسان فتولد بذلك الحياة من جديد.
وتصف لنا الزجاجية الأخيرة سرّ المصالحة ونعمة المسامحة. نستذكر مثل الابن الضال واستقبال أبيه المعيّد له، من خلال لعبة الأيادي المؤثرة. “إسْتَمِعْ لصَوتِ تَضَرُّعي حين أصرُخُ إليكَ أرفَعُ يَدَيَّ إلى قُدْسِ أقْداسِكَ. الرَّبُّ عِزَّتي وتُرْسي وعلَيه اتَكَلَ قلبي فنُصِرتُ وابتَهَجَ قَلبي وبِنَشيدي أحمَده” (مز2:28-7). “وأنا بائسٌ مِسْكين السَّيِّدُ يَهتَمُّ لي. أنتَ نُصرَتي ومُخَلِّصي فلا تُبطئ يا إلهي”. (مز18:40).
لوحة الفسيفساء للقديس يوسف، شفيع المعهد الاكليريكي، مع يسوع الصبي مع إشارة البركة. تحت صورتيهما مبنى المعهد وأمامه نجد حقلاً من القمح. ويذكرنا بضرورة الصلاة إلى رب الحصاد كي يرسل عمّالاً إلى حصاده. ” الحَصادُ كثيرٌ ولَكِنَّ العَمَلَةَ قَليلون. فاسألوا رَبّ الحَصادِ أن يُرسِلَ عَمَلةً إلى حصاده” (متى 9: 37-38).
وتشتمل كنيسة المعهد على أيقونة لمريم العذراء تحمل الطفل يسوع. ويظهر الطفل يسوع هنا حاملاً لشعار المعهد الإكليريكي الذي يشتمل على صليب البطريركية اللاتينية والكتاب المقدس في قسمه الأول وعلى صليب الأراضي المقدسة ونجمة المهد في قسمه الثاني أما الألوان فهي ألوان علم الفاتيكان. ومن ثم يظهر الطفل يسوع للجميع بانه يرتدي الثوب الإكليريكي وهو اللباس الرسمي لطلبة الإكليريكية الصغرى، فالمسيح الطفل هو شفيع وحامي هؤلاء الذين منذ الصغر يفكرون بتكريس حياتهم لله تعالى. وأمنا العذراء ما هي الا امنا جميعاً تسهر علينا وعلى حماية معهدنا فهي شفيعة المعهد وحاميته.
المرجع
الأراضي المقدسة ألوان ورموز من أجل المصالحة، كارول ماريا مارتيني، وفرنشيسكو راديللي، مطبعة البطريركية اللاتينية -القدس، بيت جالا، 2007.