القديس يوستينوس الشهيد
ولد يوستينس الفيلسوف والشهيد في عائلة وثنية في مدينة نابلس (فلافيا نيابولس في العهد الروماني)، في بداية القرن الثاني. اهتدى الى الإيمان ووضع مؤلفات كثيرة للدفاع عن الدين. بقي منها: “الدفاعان”، و”الحوار مع طريفون”. فتح مدرسة في روما وألقى فيها المحاضرات العامة. استشهد مع رفقائه في عهد الإمبراطور مارقس أَوْرِيليوس في نحو 163.
يعتبر في المعهد الإكليريكي شفيعاً لمعلمي وطلبة الفلسفة. لذلك نتقدم منهم جميعاً بأحر التهاني سائلين الله تعالى بشفاعة القديس يوستينوس أن يمنحهم الحكمة الضرورة والفلسفة التي تقود لمعرفة الخالق والايمان به.
من سيرة الشهداء القديسين يوستينس ورفقائه
(الفصل 1- 5: وراجع PG 6: 1566- 1571)
قَبِلَ التعاليمَ المسيحية الحقيقية
أُلقِيَ القبضُ على القدّيسِين واقتِيدوا أمامَ والي روما روستقسRusticus . ولمّا مَثَلُوا أمامَ القضاءِ، قالَ الوالي روستقس: “قبلَ كلِّ شيءٍ أعلِنْ إيمانَك بالآلهة، وطاعتَكَ للإمبراطور”. قالَ يوستينس: “لا يجوزُ إلقاءُ القبضِ علينا أو اتَّهامُنا لأنّنا نُطيع أوامرَ مخلِّصِنا يسوعَ المسيح”.
قالَ روستقس: “بأيةِ تعاليمَ تؤمنُ؟” قال يوستينس: “حاولتُ أن أتعلَّمَ كلَّ المذاهبِ، ولكنّي آمَنْتُ بتعاليمِ المسيحيِّين، ولو أنَّها لا تروقُ لمن هم أَسرَى الجَهلِ”.
قالَ الوالي روستقس: “وتُعجِبُك هذه التعاليمُ، أيُّها الشقيُّ؟” قالَ يوستينس: “نعم لأنِّي باتِّباعِها أجِدُ الايمانَ الصحيحَ”.
قالَ روستقس الوالي: “ما هو هذا الإيمانُ؟” قالَ يوستينس: “نعبُدُ إلهَ المسيحيِّين، وهو الإلهُ الواحدُ منذُ بدءِ الخليقةِ، وهو الخالقُ ومبدعُ كلِّ الخليقةِ، ما يُرى وما لا يُرى؛ وبالربِّ يسوعَ المسيحِ ابنِ الله، الذي تنبّأَ به الأنبياءُ، أنَّه سيأتي نذيرُ خلاصٍ للجنسِ البشريِّ ومعلِّمٌ لأفضلِ العلوم. وأنا مع كوني إنسانًا لا أستطيعُ أن أقولَ إلا القليلَ عن لاهوتِه اللامتناهي، أعترفُ بقدرةِ الأنبياءِ، فقد تنبّأُوا به من قبلُ كما قُلْتُ. وقالوا إنّه ابنُ الله. فاعلَمْ إذًا أنَّ الأنبياءَ تنبّأوا بإلهامٍ سماويٍّ بمجيئِه بينَ الناس”.
قالَ روستقس: “أنتَ مسيحيٌّ إذًا؟” قال يوستينس: “نعم، أنا مسيحيٌّ”.
قالَ روستقس: “اسمَعْ، أنتَ الذي تقولُ إنَّك عالِمٌ، وإنَّكَ تملِكُ التعاليمَ الحقيقيَّةَ: عندما تُجلَدُ ثم يُقطَعُ رأسُك، هل تؤمنُ أنَّك تذهبُ إلى السماءِ؟” قالَ يوستينس: “آمَلُ أن يكونَ مُقامي هناك، إذا تحمَّلْتُ هذا كلَّهُ. أنا أعلَمُ أنَّ كلَّ الذين يعيشون عِيشةً صالحةً يَحفَظُ اللهُ لهم نعمتَه حتى نهايةِ العالمِ”.
قالَ الوالي روستقس: “أتظُنُّ إذًا أنَّك ستصعَدُ إلى السماءِ وأنَّكَ ستنالُ مكافأةً جميلةً؟” قالَ يوستينس: “لا أظُنُّ، بل أعرِفُ ذلك كمالَ المعرفة، وأنا متأكِّدٌ من ذلك”.
قالَ الوالي روستقس: “لِنَعُدْ إلى موضوعِنا، وإلى القضيَّةِ المستعجَلَةِ والضروريَّةِ: اتَّفِقوا فيما بينَكم، واذبَحوا للآلهة”. قالَ يوستينس: “الرجلُ العاقلُ لا يَترُكُ الإيمانَ في سبيلِ الكُفرِ.”
قالَ الوالي روستقس: “إن لم تُطيعوا سوف تُعاقَبون بلا رحمة”. قال يوستينس: “هذا هو مُنانا، أن ننالَ الخلاصَ إذا عوقِبنا في سبيلِ إلهِنا يسوعَ المسيح. وهو سيَمنحُنا الخلاصَ والثقةَ أمامَ مِنبَرٍ أكثرَ رَهبَةً حيث يمثُلُ الكونُ كلُّه، وهو مِنبَرُ إلهِنا ومخلِّصِنا”.
وأعلنَ سائرُ الشهَداءِ الإعلانَ نفسَه فقالوا: “اصنَعْ ما تشاءُ. نحن مسيحيُّون، ولن نذبحَ للأصنامِ”.
وأصدرَ الوالي روستقس قرارَ الحُكمِ: “هؤلاءِ الذين رفضوا أن يذبحوا للآلهةِ، وأن يُطيعوا أمرَ الإمبراطور، يُجلَدوا ثم تُقطَعْ رؤوسُهم بحسبِ القانون”. وسبَّح الشهداءُ القدِّيسون، وخرجوا إلى المكانِ المعتادِ لتنفيذِ الحُكمِ. فقُطِعَتْ رؤوسُهم، وتمَّ استشهادُهم لأنَّهم اعترَفُوا بالمخلِّصِ.