عن موقع أبونا / حدث تاريخي: وزغاريد أردنية وفلسطنية ارتفعت لحظة دخول موكب البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك القدس للاتين، إلى كنيسة القديسة حنة في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، ليترأس القداس الحبري الحاشد الذي سام خلاله الشماس برنارد بوجي، كاهناً للبطريركية اللاتينية، كأول كاهن يسام في الولايات المتحدة للبطريركية اللاتينية.
وقد عمّ التأثر البالغ وانهمرت دموع عديدة، في موكب الدخول وأثناء القداس، فمن بين الداخلين كان الأب سامي طوطح، كاهن رعية يونكرز في نيويورك والراقد على سرير الشفاء، داخلاً على كرسي متحرك، فيما غاب عن الدخول كاهن آخر له حضوره وبصماته وانتظر هذه اللحظة لسنوات طويلة، وهو كاهن الرعية العربية والأمريكية في سان فرانسيسكو، أي الأب المونسنيور لبيب قبطي المحبوب كثيراً من الناس، وتعرض قبل يومين من الرسامة لوعكة صحية طارئة أدخلته المستشفى على الفور.
البطريرك بدا عليه كذلك التأثر في تدشين حدث تاريخي في تاريخ البطريركية، فقطع المسافات من مدينة القدس الغارقة مع أخواتها بدموع ودماء جديدة، لكنها لم تغب عن نيات الصلاة والابتهال.
وشارك في القداس رئيس أساقفة سان فرانسيسكو الحالي سلفادور كورديلوين، والسابق جورج نيديراور، والأب جمال خضر رئيس المعهد الإكليريكي، والآباء الكهنة القادمين من الأردن وفلسطين، والأب ريك فان دي ووتر كاهن الرعية العربية الأمريكية في لوس انجلوس، وفرسان وسيدات القبر المقدس، من سان فرانسسكو ولوس أنجلوس، وحشد كبير من أبناء الرعية والمدعوين.
وقال البطريرك الطوال في عظة القداس: يا أبناء الرعية العزيزين على القلب، لقد أعطيتمونا قبل أعوام شاباً اسمه برنارد، قطع البحار، وترك والدته وشقيقته، ليتعلم في أحضان البطريركية اللاتينية، والمعهد الاكليريكي، قلبها النابض بالحب والحكمة والعلم، وها نحن نرافقه في رحلة العودة الفريدة والرائعة، إذ نعيده راعياً لكم، بعد أن كان أخاً وصديقاً ورفيقاً، ونعيده كاهناً يخدمكم بالأسرار المقدسة.
وعبّر البطريرك عن سروره بأول كاهن في البطريركية اللاتينية يسام كاهناً، في ذات الرعية التي أخرجت أول شماس إنجيلي دائم في أبرشية القدس، وهو الشماس خالد أبو الشعر الذي تلا المقطع الإنجيلي في القداس، معرباً عن أمله في أن يرى دعوات جديدة تقطع البحار كذلك للتعلم والتنشئة في أحضان المعهد الاكليريكي.
وكان الأب يوسف كيكاتي، الكاهن المساعد، قد رحب باسم المونسنيور لبيب بالحضور والبطريرك والكهنة والوفود القادمة من كل الانحاء للمشاركة في الحدث الكبير، كما ألقى تعليقات القداس شارحاً من خلالها طقوس الرسامة وأهميتها.
ونادى رئيس المعهد الإكليريكي الأب جمال خضر على الشماس برنارد مبيناً سيرة مختصرة لحياته، حيث أمضى أكثر من خمس سنوات متعلماً ومتحضراً في المعهد الإكليريكي. فيما وقف إلى جانب الشماس برنارد الأب حنا سالم، من كهنة المعهد، اشبيناً لرسامته الكهنوتية.
وكم كان تأثر الحضور بالغاً حين تقدم الأب سامي طوطح على كرسيه المتحرك، ليلبس الكاهن الجديد حلة الكهنوت التي أعقبها عناق حار بين كاهن على سرير الشفاء، وكاهن جديد يولد في تلك اللحظة. ولم يكن اللقاء بين الكاهن الجديد ووالدته السيدة مارجريت بأقل تاثيراً، إذ هي التي أخذت على عاتقها تربية برنارد لوحدها، وبالأخص حين أصيب بمرض خبيث في سنواته الأولى، وعافاه الرب منه بأعجوبة.
وحضر القداس عدد من الكهنة من كنيسة الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك، وأحيت القداس جوقة رعية القديس توماس مور العربية والأمريكية، بقيادة جورج خوري وعزف تغريد زكي. فيما تولت فرقة كشافة ملكة السلام المؤسسة حديثاً، وفي أول ظهور لها، العزف الخارجي وترتيبات كثيرة.
وفور الانتهاء من القداس، توجه البطريرك والأب برنارد والكهنة الحاضرين للسلام على الأب لبيب قبطي الذي قال في اليوم السابق “لابنه الروحي” برنارد، لا أريد أن أخذلك في رسامتك التي انتظرناها طويلاً، ولكني أقدم الآلام هذه من أجل كهنوتك.
كلمات وعشاء وفرح
وبعد القداس الإلهي، توجه أكثر من خمسمئة شخص، يتقدمهم البطريرك فؤاد الطوال والأب برنارد بوجي، إلى قاعة فندق الماريوت حيث جرى احتفال خاص وعشاء نظمته الرعية على شرف كاهنها الجديد، وتحدث به البطريرك الطوال، والأب كيكاتي، والسيد شارلي شامية، ممثلاً عن مجلس الرعية، والسيد إياد شقير الذي ألقى قصيدة ألفها والده للمناسبة قبل رحيله قبل أشهر قليلة، وكذلك تحدث ابن عم الأب برنارد السيد شاكراً باسم العائلة البطريرك والمعهد الإكليريكي وكل من جاء وأسهم بإنجاح مراسيم الرسامة.
وابتدا الحفل بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، وبخاصة من يسقطون هذه الأيام في غزة. ثم أنشد سوبستار الميناء نادر زكي أغنية مدينة السلام.
أما الأب برنارد فألقى كلمة وجهها للبطريرك والجماعة الحية والفرحة أمامه، وقوطعت بالتصفيق عدة مرات، لما اشتملت عليه من معان التواضع والبساطة اللذين يغلفان شخصيته، ووعد بأن يبقى الأخ والصديق الامين لبطريركيته ولجماعته المؤمنة التي تخرج منها ويعود إليها للعمل معها خادماً وراعياً. وقال إن راهبات الطوباوية الأم تريزيا قد وجدوا شعاراً لحياتها، ما يتخذه هو لحياته الكهنوتية: “إذا أردت أن تكون ناجحاً عليك أن تكون أميناً مغلفاً بالإيمان، لأن الإيمان هو الذي يضمن لك أن تكون ناجحاً”. وأضاف قائلاً: ماذا أردُّ للرب، على ما صنع إلي من أفضال، سأوفي بنذور للمولى، مكرراً ما قاله القديس بطرس في الانجيل الذي تلي في الرسامة: “يا رب أنت تعلم كل شيء، تعلم أني أحبك”.
وتخلل العشاء فقرات فولكلورية أشرفت عليها كل من نائلة النمري ودينا بدر بشارة، لدبكات شعبية فلسطينية وأردنية أداها شباب وأطفال، وكذلك قدمت الجالية الفلبينية فقرات خاصة. وقدمت عروض صور لحياة الأب برنارد. كما قدمت جوقة الرعية عدداً من الترانيم الدينية، ليختم الفنان نادر زكي الحفل بأغانٍ عربية رافقه فيها المايسترو ردوان شخشير وفرقته الموسيقية، ورقص لها الجمهور، وبالأخص لحظة قطع كعكة المناسبة، من البطريرك والكاهن الجديد ووالدته.
[nggallery id=382]